الأربعاء، 7 سبتمبر 2016

ألحان خالدة


(يسلم عليك العقل و يقولك نبيك اما خطاوي الرجل صاعب عليها تجيك) , كم تصف هذه الكلمات حالتي و أحوالي , نعم عقلي يسلم على من لم أستطع إليها وصولاً , هو لا يسلم فقط بل يسلم و يفكر و يشتاق في كل لحظة , و ما أصعب الشوق ف(الشوق قاسي و الرياف يذل) , ما أقسى الشوق حينما يكون إلى من لا يفكر فيه , وليس كل الشوق يأتي من فراق , بل نشتاق حتى لمن نحدثهم في كل يوم , لكننا نحدثهم شكلاً فقط , نحدثهم و نحن في حالة من الهيام و هم لا يبالون , أرسلت لها مراتٍ و لم ترد فقلت لها (دزيتلك مرسول و انتي ردي هاتي الدواء ولا تعالي عزي ),  و انتظرت ردها, و طال إنتظاري , لم أعرف مالعمل أو الحل لذلك خرجت للشوارع باحثاً عنها لعلي أجدها , لم أعرف إلى أين المسير فوقفت وسط الناس وقلت لهم ( قولولي وين دياره نا واحشني أخباره ,قولولي  وين نلقاه و أين طريق تجيبه ) , وقف الناس ولم يفهموا من كلامي , لم يعرفوا عن من أتحدث و طلبوا مني وصفاً لها , فكرت قليلاً و حرت في أمري فهي حقاً تتماشي مع تلك الأغنية القائلة : ( كيف نوصفك للناس و انت عالي فوق نجوم الليل اللي شغلها حالي ) , حاولت البحث عن وصفٍ لها أو لشكلها لعلهم يتعرفون عليها و لم أجد سوى أنها : (من دونهن شالت العقل معاها , هي بدر و الباقي نجوم إحداها ) و قلت لهم : ( جميلة و ما ريت كيفها جميلة) , نظرت لعيون الناس حولي فوجدت الحيرة فيها , أدركت بأن وقوفي هنا بدون فائدة , هممت بالرحيل فأوقفني شيخٌ كبير قائلاً لي بأن أنسى فقلت له و هل نسى الصافي ليلى ؟ أو هل نسى بونقطة فاطمة ؟ , ليس النسيان بسهل على قوم العاشقين , فقال لي بأن أصبر إذا فأجبت : ( صابر لين صبري زاد دايا صبر مر لا ماهو الزين , صبر أيوب صابر للنهاية و أوعر صبر العاشقين ) , عجز الرجل الكبير عن الرد علي , و ماذا تراه يقول ؟!
, كيف تراه يهون على من أذله الحب و رماه؟!
 سرت في الشارع ترمي أمواج الهوى قلبي ذات اليمين و ذات اليسار , لم أجد من يهدي مركبي و يرسيني , تمنيت لو أني لم أرها لعلي حالي كان سيكون أفضل ( يا ريتني ما ريت سود أنظاره)و (يا ريتني ما ريتها ولا رتني و لا صار بيني و بينها موال...) هاهي تأتي نحوي , فكرت في أن أوقفها و أقول لها ( حبك برد ماعاد توقد و لا عاد تخطر يا كحيل أنظاره ) لكني لم أستطع , أصابني ضعف كان مصدره قلبي فقلت لها : ( ليش بطى مرسالك عني)  نظرت هي نحوي ولم ترد بل تابعت السير دون أي ردة فعل , سمعت أصوات تحطمٍ في المكان لكنها لم تكن بالخارج , بل كان مصدرها من داخلي , نظرت إلى قلبي و قلت له : ( و الله الباين فيك مانك قلبي رضاهم تريد و راحتي ما تبي ), تابعت سيري في الشوارع دون أن أعرف إلى أين المسير , دون ان تكون لي وجهة معينة , كل ما أعرفه بأني كنت أقول : (ذبتي ذوب يا شمعة طفيتي لا ما تقول ما عمرك ضويتي ) , صرخت باسمها بسرعة قبل أنت تنطفيء الشمعة وقلت لها : (احترت معاك هيا دبريلي ), لكنها لم تكترث لقولي و تابعت مسيرها فزادت حيرتي , دخلت إلى صيدلية على جانب الطريق فقال الصديلاني خيراً ما بك , أجبته : ( عندكش دواء للمحبة يهون عالخاطر مرجاه للمحبة ؟!) خرجت و علامات الحزن بادية على وجهي قابلني صديقٌ لي سألني عن سر حالتي فأجبته : ( اللي شقيت في غيابه اليوم لاقاني ) سألني مالذي حدث بعد ذلك فقلت : ( واطى النظر ماتقول عمره راني ) , حزن صاحبي لحزني و سألني كيف رأيتها أسير في الشارع و عندما نظرت أمامي وجدتها : ( جت تدنى ركبة بركبة تقرب منا ريح تهب من ريح الجنة)  قال لي أكتب رسالة تشكو فيها حالك , و كيف أرسل له الرسالة  قال عن بواسطة الحمام ألم تسمع قدماء القوم من عاشقين يقولون " جاني المرسول على جناح الحمامة" , أخذت ورقة و قلماً و هممت أكتب لم يخطر ببالي سوى ما قاله الشاعر يوماً :
"
الشمس تجي و اتعدي و الأيام تفوت ما تهدي
وانا و انت زي الريح ودك ما رافق ودي مرة الهوى ياخدنا للفرح معاه يسعدنا و مره نتاخصم و احنا عارفين الخصام يبعدنا و الحيرة تلعب بينا تعبانة خطاوينا انا و انت مش عارفينوين جينا وين ماشيين لا فرحنا مع بعضنا و لا قدرنا على الحنين و الحيرة تلعب بينا تعبانة خطاوينا".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق