الأحد، 28 يونيو 2015

مرشد سياحي 6

عزيزي الأجنبي السائح في هذه البلاد كان يجب علي أن أحدثك عن شيء أخر مميز في بلادنا ألا و هو قيادة السيارات و قوانين المرور , فهي أشياء تختلف كل الاختلاف عما في بلادكم و ما في هذا الكوكب المسمى كوكب الأرض تماماً , فسائقي السيارات عندنا يجب تسميتهم حقاً بسائقين من كوكب أخر .
فهناك في بلادنا أصناف عديدة من السائقين , و لنبدأ أولاً بالنساء منهم تيمناً بمقولة "السيدات أولاً" ,  و بصراحة لا أعرف من أين أبدأ , فهو نقاش كبير و موضوع ضخم و لكن سأقول لك أحاديث بعض الأشخاص من الذين سبق لهم و أن تصادموا بنساء في الطريق و يروي أحدهم بأنه في مرة ترك طريقأ رئيسيا و توجه نحو أخر فرعي , و إذا بإحداهن تترك كل الطريق الرئيسي و تتوجه نحو سيارته أما عن أخر ما فعلته هذه السيدة هو أنها تركت عجلة القيادة (الدومان) و تركت السيارة تتجه إلى حيث تريد  .
و المرأة عندنا مقدرة كل التقدير في حوادث السير فيكفي أن تنزل من سيارتها منهارة ليضيع كل حقك و يصبح لزاماً عليك أن تسعفها حتى لو كانت هي التي صدمتك و أن تسير على الأقدام , لذلك نصيحة لك عزيزي الزائر إذا ما رأيت إحداهن تقود و أنت على تسير على قدميك (اعفس) أي أهرب بسرعة .
و هناك نوع أخر و هو السائق المستعجل دائما و الذي لن تراه إذا ما مر بجانبك و انت تقود نظراً لسرعته الرهيبة و من علامته بأنه لا يعترف بالإشارة الحمراء و هو نوع يسير بال(تبييب) و التبييب هو فعل (بيابة) و هي زامور السيارة في لهجتنا , و هذا النوع (يبييب) حتى في وسط الزحمة  .
و أثناء سيرك في شوارع المدينة ستجد من يقود في الإتجاه المعاكس و قد تظن أنه يخالف القانون ولكن اسمح لي أن أقول لك بأنك مخطئ لأن هذا النوع قد عاد مؤخراً من المملكة المتحدة و لم يعتد بعد على القيادة في الجهة اليمنى من الطريق كما تقول قوانين المرور عندنا هنا , و على ذكر القوانين فهي شبه مهمشة هنا و ربما تكون قد لاحظت قلة دوريات المرور هنا و ذلك يرجح لقلة اللجوء إليهم , فالحوادث هنا تحل بشكل ودي عادة و  تنتهي بالابتسام عادة , و هي عادة تكون مصدر فرجة لمن ضربه (الطل) و أصابه الكساد فتجد العشرات من الناس واقفون و يستمتعون بالفرجة على هذا الحادث و محاولة تهدئة أطراف الحادث التي قد تمتد لسبعة أو ثمانية أطراف و رغم كل ذلك فعادة ما تنتهي هذه المشكلة بجملة (حمد لله على سلامتك و الحديد يتعوض) , أما في الحوادث التي يصاب فيها بشر و تسال فيها دماء , فهي الأخرى تنتهي تقريباً دون اللجوء للمرور و بحل يرضاها كل الأطراف ".
قال أحدهم :" إذا لديكم قانون عادل ؟
أجبت : "نعم"
فسأل :" هل اقتبستموه من القانون الفرنسي أم ماذا ؟"
فقلت : لا , فنحن لدينا قانون أعظم و هو قانون "الرز و اللحم" و هو قانون يحتاج لكتب حتى نفسره تماما , و أنا عن نفسي لم أجرب هذا القانون يوماً و لكن لي تجربة مع (الحديد يتعوض) , فأّذكر ذات يوم أنه حدث و تصادمت مع أحدهم بالسيارة و يجب أن أذكر هذا اليوم فهو الحادث الأول لي كما أنه حدث في هذا اليوم الذي أكتب فيه هذه الحروف , أقصد أقوم به بهذه الجولة , لم تكن هذه السيارة سيارتي فعلاقتي بالسيارة كعلاقة عباس العقاد بمي زيادة أرادها كثيراً و لكنها لم تكن له يوما , كذلك أنا أردت السيارة طويلاً و لكنها لم تكن لي , عموماً خرجت من البيت فوجدت صديقي الذي تحدثنا عنه سابقاً "الفوكس" أمام البيت  و قد ركب بجانب مقعد "السواق" و تركت لي المقود و يا لها من لحظة , عموما (تكينا)* على صديق أخر يدعى أنس و اتجهنا لنأخذ صديقاً أخر يدعى عمر و في الطريق كان يجب علي الاتجاه يساراً عند مفترق طرق فشغلت (الفريتشة) كأي مواطن سويسري و تصادف  مع ذلك وجود مواطن سويسري أخر قادم في الاتجاه الأخر , كان لزاماً علي أن أقف حتى يمر ثم أكمل طريقي و لكن مايكل شوماخر الموجود بداخلي لم يرد ذلك فإذا بي أنطلق مسرعاً معتقداً بأني تجاوزته و لكن (البووم) قد حدث , نزلت فإذا بي أجد مجموعة من (المحمدين على السلامة) و مجموعة من (سلم خوته اللي صبوله) أصحاب المواقف المعروفة و هم نفسهم شرطة المرور التي تحل هذه المشاكل , انتهت المشكلة بالاتفاق الودي التام , دون أي أضرار إلا في السيارتين و بعض الألم في بطن "الفوكس" فهو قد خرج مؤخرا من عملية الزائدة و بعض الألم في رأس أنس و كتفه الذي كانت الصدمة في جهته , أما العبد لله فقد خرج دون أي أضرار إلا أني حمدت المولى بأني لم أمتلك سيارة حتى هذا اليوم و إلا لخلت شوارع بنغازي من السيارات خوفاً مني .
------------------------------------
*تكيت: هي فعل تكى اي عرج او مر على

الجمعة، 26 يونيو 2015

مرشد سياحي 5

إنه اليوم الخامس لنا في هذه الجولة السياحية و التي بدأتها و تعمقت فيها حتى لم أرد الخروج منها , عموما فاتني في الأيام الماضية أن أحدثكم عن مواهب و اهتمامات الشباب في بلادنا و التي تعتبر غنية بالمواهب , و احترت فيما سأقدمه لكم أولا أعزائي الركاب و لكني قررت أن أبدأ بالفن , و الفن فضلوه على التعليم .
و الفن في بلادنا هو (الفن بعينه) فهنا كل المواهب , لن أتحدث عن الفن الشعبي بألوانه و الذي توارثناه جيلاً بعد جيل من علي الشعالية إلى محمد حسن ثم الصافي و بونقطة و امعيلف , حتى بات شيئاً يسري في عروقنا , و لن أردنا التحدث عن رائعة (طق العود) لمحمد حسن لاحتجنا صفحات في وصف مقطع واحد منها .
و لكن الحديث سيكون عن الفن الذي أتى من عندكم , و الذي كان البادي به العبقري أحمد فكرون و الذي ستلتزم حروفي الصمت احتراما لإبداعه و أي قول يقال في صاحب (يا بلادي حبك موالي) و التي تحمل من الكلمات لن تتمكن أصابعي من حملها لثقلها و كبرها.
دون مقدمات طويلة سنبدأ بالراب هذا الذي دخل علينا في أواخر التسعينات و لكنه وصل شهرته بعد الثورة , و بين هذا و ذاك مررنا بجميع أنواعه من الراب الهادف ذو الفكرة ك (ليش الدوخة) و أغنية (يا بحر) و غيرهما من التي كانت وصفاً لحال شباب تلك الفترة , كذلك كان عندنا عصابة الراب كما كان عندكم و لكن لم يقتصر الأمر على الساحل الغربي و الشرقي فقط بل امتدت حرب الهجاء و هذه (الدسات) إلى "رابرية" المدينة الواحدة و أتحدث هنا عن راب بنغازي لأن أذناي لم تمتدا يوماً لشخص من غرب البلاد , فكانت عندنا (على من تدير في الجو) و (نرقى عليك) و غيرها من الأغاني التي وضع فيها أصحابها أنفسهما في مكان العظيمين "بيقي" و "توباك" , و حتى هذه الفترة كان الراب مقتصراً على فئة معينة من المغنيين و المستمعين , أما النهوض الحقيقي لهذا الفن كان بعد الثورة , و لأن "الراب بالفطرة" خرجت علينا ملايين المواهب و التي كانت مطموسة من قبل الطاغية , و الذي حرمنا من فن هؤلاء , و لكن لأن الفن و الموهبة لا تطمس فكان لزاماً أن تخرج هذه المواهب و حتى لا أطيل عليكم و خوفاً من أن أظلم أحد هؤلاء المبدعين ولا أعطيه حقه توجه إلى موقع اليوتيوب و ابحث عن (راب ليبي) و لتستعد إلى التلوث السمعي أقصد التمتع السمعي الذي ستحظى به أذناك فعندنا الراب المترجم و "القانقستا" و راب الحب و راب لو سمعه توباك لغنى ( يا شقاء عيني يا مطراي) .
أما في غير الراب فعندنا المبدع (تم حجب اسم الفنان خوفا من جرح مشاعرها ... عذراً مشاعره) , صاحب أغنية (كرة الهدم) و التي غنتها فتاة من بلادكم يقال بأن اسمها (مايلي سايرس )و التي لو سمعت هذه الأغنية ل(طاح سعدها)* و كرهت اليوم التي غنت فيه هذه الأغنية لا لشيء و لكن لإبداع فنانا .
يكفينا حديثاً عن الفن  الغنائي و نتجه إلى الفن التصويري , و هو شيء أخر حرمنا منه الطاغي, و يالهذا الطاغي الذي حرمنا من الفن بكل أنواعه , استيقظنا ذات صباح فوجدنا مليون مصور في البلاد , و لجميعهم كاميرات , فطريق التصوير و الإبداع سهل مفروش بالورود .
سألت صديقاً لي يدعى منصور و هو مصور و الشهادة لله بأن له عينان و أصابع تداعب الكاميرا فتنسج لوحات (ربي يحفظه و ندقوا اللوح خوفاً من العين) , عموما سألت هذا (الكمار) و هو لقب أطلق على نفسه , فحامل (الصوارة مصور و حامل الكاميرا كمار) نعود إلى سؤالي عن طريقة تصبح بها مصوراً , فأجاب بأنه عليك أولاً شراء كاميرا و هذا شيء ضروري , ثم تقوم بتصوير نفسك في المرأة و نشر هذه الصورة على صفحات التواصل الإجتماعي ولا تنسى أن تكتب بلغة الفرنجة "باي مي" (عذراً فجهازي جاهل لا يعرف الإنجليزية) , أما عن سر هذه الجملة فهي لحفظ حقوق النشر خوفاً من أن يسرق أحدهم هذه الفكرة الرهيبة منك , ثم تقوم بإنشاء صفحة على (الفيسبوك) تسميها بإسمك و تضع بجانب الاسم (فوتوغرافي) , و يجب أن يكون الاسم بالإنجليزية .
أما عن الكاميرات فهي موجودة و بكثرة و رفقة هذه الكاميرات ستأتي مجموعة من الأصدقاء عشاق التصوير كهدية و هؤلاء سيتصلون بك في أي لحظة ليطلبوا منك أن تصورهم , و لكن لأن الشاب الليبي "مضحكة" أقصد مضحي لأجل الحب فسيبيع هذه الكاميرا ليشتري بها هدية لحبيبته التي ستتركه في نهاية المطاف.
و طبعا لأنه (من ليبيا يأتي الجديد) فقد ضربنا كل قواعد التصوير و أنشأنا قواعدنا الخاصة حتى في الذوق فستجد أن أحدهم صور
صورة شاطئ بحر سيبدو في نظركم عادي جداً و لكن ستجد العشرات من المعجبين بهذه الصورة و ذلك لأننا نمتلك نظرة عميقة لا تمتلكونها أنتم .
و على ذكر العمق فنحن نمتلك مجموعة من الشباب المثقفين المحبين للكتب , و الذين يملكون طقوساً خاصة بهم في القراءة فهي لا تتم إلا بوجود القهوة و التقاط صورة , و في العادة يكون هذا الشاب ال"عميق" محب لكاتبتين هما (تم حجب اسم الكاتبتين خوفاً من أن تهاجمني إحداهما و تصف كل الرجال بصفات معينة) و السبب وراء هذا العشق لهاتين الإثنين هو ان عددا كبيراً من الفتيات ال"عميقات" يحببن كتبهن , و أود أن أقول لك بأن كل من ينتقد هاتين الاثنتين ما هو الا "عابر سرير" أقصد عابر سبيل ضال أحب الذكور أكثر مما يبنغي , و هو مغفل لم يقل لفتاة يوما بأن الأسود يليق بها , و لذلك فلتغفري عزيزتي الكاتبة له , و لتبقيها ذاكرة حسد.
---------------------------
*طاح سعدك هو مصطلح ليبي يقال للشخص الذي ارتكب مصيبة و هو مجهول المعنى و الاصل

الخميس، 25 يونيو 2015

مرشد سياحي 4


الإخوة الركاب أهلا و سهلا بكم هاقد عدنا من جديد و كما تقول الأغنية الشهيرة (هاقد جينا هاقد عدنا من اللي في ساحة الراب الليبي قلدنا؟) عذرا...  فقد انسجمت مع هذه الأغنية , عموما كنت بالأمس يا صديقي الأجنبي من بلاد الفرنجة قد حدثتك عن شبابنا , الذكور منهم على وجه التحديد , و اليوم قد حان موعد الجنس اللطيف و ليلطف  بنا الله , فما سأقوله لك الآن قد يقلب حياتي جحيما و يؤدي للهلاك و من وجه نظري أعتقد بأنه يجب على وزارة الصحة في بلادنا التحذير من مخاطر بعض النساء و كتابة جملة ( احذر ضار بالصحة و يسبب الوفاة و قد تسبب لك الجلطة و السكتة , إضافة إلى سرطان اللسان و الحنجرة نتيجة لحديثك الدائم معها بصوت عالي في محاولة فاشلة أخرى للتفاهم معها .
عموما لنساء بلادنا اختراعات عظيمة غيرت معالم الأكل في بلادنا فبعد أزمة اسطوانات الغاز هنا و قلة الأفران الكهربائية , لم ترد هذه المرأة العظيمة الوقوف أمام هذه الظروف , فوجدت ( كيكة الطنجرة ) و هي كما يقال بأنها مثل أي كيكة عادية لكنها تطهي في الطنجرة أو أنية الطبخ  , وهو إختراع لم أرد الاقتراب منه , و لم تكن هذه أخر إختراعتها فهي أخذت (الكرشة) و هي أكلة ليبية معروفة توارثتها الأجيال و لم يعجبها بقائها كل هذه السنين دون تغيير فأخذت الكرشة و وضعتها على عيدان من الخشب لتكون شيء شبيه بحلوى (تشوب اند تشوبز ) , و هو أيضاً شيء لم أرد الإقتراب منها ليس خوفاً منه و لكني بطبعي الشرقي المتمسك بالعادات رفضت مثل هذه الأشياء المستحدثة.
عموما لنسائنا أذواق مذهلة في الملابس و هي تقارع المرأة العالمية في أحدث الموضات و لا تكتفي بذلك بل تحورها لتكون مناسبة لملابسها "المحتشمة" (نأسف على هذه الكذبة ) , و الملائمة للعادات الليبية و الشرقية , و كذلك لبعض نسائنا خبرة عظيمة في المكياج و الزينة , فهي تضع كميات "معتدلة" من هذه الأشياء و لما المكياج إذا وُجد الجمال الطبيعي ؟.
أعلم بأنك إذا سرت و تجولت في شوارع بنغازي كشارع دبي مثلا والذي لا يمت لدبي بصلة , ستجد بعض من فتياتنا تضع كمية رهيبة من ألوان الزينة على وجهها دون حتى تنساق أحيانا فستجد الاخضر و الأحمر و الأزرق , لا تقلق فهن موظفات دعاية لشركة جوتن للطلاء و ماهذه الألوان إلا بعض من منتجات الشركة , كذلك ستجد أن لبعضهن وجوه بيضاء و يد سوداء أو شعر أصفر و حاجبين سود , و هذه من علامات الجمال عندنا و هي من الأشياء النادرة التي تمتاز بها بلادنا كما تمتاز بعض القطط  بإختلاف لون العينين .
و لبناتنا درجة رقي غريبة فهن يخشين الصرصاير و و العناكب و الفئران و إلى ما ذلك من كائنات زاحفة صغيرة , و بعضهن صائدات لي هذه الكائنات و لكنهن يعملن بالسر , فإذا ما رأت إحداهن صرصاراً في مكان عام ستصرخ و تفزع , ولكن إذا ما أخطأ هذا المخلوق و دخل غرفتها فسيكون أخر ما يراه هو (سباط) مقاس 40 يتجه نحوه و السباط هو الشبشب أو الخف و لا تسألني عن سبب تسميته بذلك .
و على ذكر الرقي و "الإتيكيت" فالفتيات عندنا يعرفن بميمي و سوسو و ما شابهها من أسماء بين صديقات الجامعة و لكن أولاد الشارع و أهلها ينادونها رجعة مثلا , أذكر مرة بأني كنت في الكافتيريا الجامعية و رأيت إحداهن تأخذ مشروب (راني بالحبيبات) و هو شراب توجد به بعض القطع من الفاكهة , بعض هذه القطعة نعاني صعوبة في إخراجها بسبب كبر حجمها و صغر حجم الفتحة بالعبوة , عموما بعد أن أخذت هذه الفتاة العصير أخذت معه عود شرب ( الشاليمو) و وضعتها بداخل العبوة و بدأت في الشرب.
سألني صديقي :" ماذا عن الحبيبات؟"
فقلت :" هنا أريد أن ألوم الشركة المصنعة التي لم تراعي فتياتنا (الراكيات) و اللواتي لا يشربن إلا بالشاليمو .
(نعتذر عن إكمال بقية الجولة لأن المرشد يرقد في المستشفى بعد هجوم مجموعة من الفتيات عليه لأسباب غير معروفة).
....

الأربعاء، 24 يونيو 2015

مرشد سياحي 3


أهلا ... لقد عدنا من جديد في جولة أخرى و هذه المرة مع صديقي الأجنبي و الذي قررت أن أحدثه قليلاً عن شيء أخر في بلادنا , نتخطى المقدمات سريعاً فلا المكان و لا الزمان و لا سبب وجودنا هنا يهم و لنبدأ الموضوع :
" صديقي السائح بعد حديثنا عن المحششين و المستشفيات خطر ببالي أن أحدثك عن موضوعٍ مهم أخر و هم الشباب و هي الفئة الغالبة هنا و هم الكل في الكل فلشبابنا أشياء لا يملكها غيرهم من الشباب فأولاً شبابنا مدخل رزق للعديد من الناس و هم في ذاتهم يحبون دعم أصحاب المشاريع الصغيرة من مطاعمٍ و  مقاهي و من محلات تبغ وقد تعتقد أن هذا عيب و لكن دعني أقل لك بأنك مخطئ فلو امتنع الشباب عن الذهاب للمطاعم و الجلوس بالمقاهي و امتنعوا عن التدخين لخربت بيوت كثيرة .
أما عن حب شبابنا للعلم فحدث ولا حرج فشبابنا يمضي وقته في مواسم الدراسة بين الجامعات و المدارس و هم محبون للأدب بصفة عامة فلو زرت الجامعة مثلا لوجدت العديد منهم يقف أمام كلية الآداب منتظراً و بشوق لحظة قبول فتاة به أقصد لحظة قبوله بهذه الكلية , و كذلك المدارس فستجد شباباً جامعيا يقف أمام المدارس الخاصة منها و العامة في عز الظهر و تحت الشمس الساخنة , و هناك كذلك نوعٌ مشغول لا يزور الجامعة كثيراً إلا في فترة الامتحانات و توزيع المنحة , قد تظن ذلك إهمالا و تسيباً و لكن بعض الظن إثم فهؤلاء الشباب الطيبون مشغولون بمساعدة أصحاب المقاهي كما قلت سابقاً و كذلك التجول في شوارع مدينتهم الحبيبة و أحياناً نائمون بعد التعب و الإرهاق و بعد سهر ليلة كاملة بين أحضان الحب , و على ذكر الحب فلشبابنا طريقة حب غريبة تتناسق مع أيام الأسبوع فهو يرى فتاة أحلامه يوم السبت و يرمي لها رقمه في ورقة و هو شيء لا تعرفونه و حرمكم منه الانفتاح فأصبح الارتباط عندكم سهلاً و لشبابنا قدرة نظر عجيبة فبمجرد أن يرى الفتاة حتى يشعر أنها ليست ككل الفتيات و تبادله هي بذات الشعور في نفس اليوم ثم في يوم الأحد يقرران أن تبدأ علاقتهما ثم في يوم الاثنين يقررون أنهم سيتزوجون و في اليوم اللاحق يحددون أسماء أولادهم و يوم الأربعاء هو يوم (البنات كلهن كيف بعضهن ) و (كيفه كيف أي شاب ) و يأخذان الخميس و الجمعة يومي عطلة نهاية الأسبوع ثم يعودان السبت بأسبوع جديد يتكرر فيه كل ما حدث لكن مع شخصٍ أخر .
و كدت أنسى أن أقول لك بأن شبابنا شعراء في الغزل بجميع أنواعه و هم أيضا مراعون لمشاعر فتياتنا فيطلقون كلماتهم غزلا بهن و لإدخال بعض الفرحة على قلوبهن, فعندنا شعراء الغزل القصير بكلمة واحدة و هي (نعليا) و هي كلمة بنغازية الهوية , و أيضا هناك شعراء الغزل الفاحش بجملة ( تم حجب الجملة مراعاة للأخلاق العامة) , و كذلك الشعراء ذوي البلاغة في التشبيه مثل ( شميني يا وردة ) و هي قمة الفصاحة و الإعجاز اللغوي , و كذلك النوع الداخل للبيت من أبوابه نوع ( زوجينا يا عميمة ) و غيرهم الكثير , الذي سطروا في الحب جملاً فاقت في وصفها و إبداعها أشعار مجنون ليلى في وصف ليلى .
و عن فرص العمل للشباب فهي متاحة للجميع بفضل الله و بفضل فاعلي الخير فما أن يتخرج هذا الشاب المكافح من الجامعة حتى يجد فرص العمل تنهار عليه , أذكر مرة أني ركبت سيارة خاصة و هي نوع من سيارة الأجرة لا تعرفونها أنتم , ذات التسعيرة البسيطة بين الدينار و الدينارين للأماكن القريبة و لكنها الأن باتت بثلاثة دنانير نظراً لارتفاع سعر الدولار , عموماً كان السائق خريج كلية الاقتصادو قسم إدارة أعمال و قد وجد هذا العمل أمامه قبل حتى أن يتخرج .
و أخيراً لا يعاني شبابنا من أي مشاكل في الزواج فأسعار الشقق في يد المواطن البسيط و كذلك المهر و تأجير القاعة و كل مستلزمات هذه المناسبة العظيمة , و عادة يكون هذا المواطن البسيط هو ابن أحد رؤوس الأموال في بلادنا (أدام الله نعمته عليهم).

الثلاثاء، 23 يونيو 2015

مرشد سياحي 2

ايييه ماهذا الملل الفظيع , كنت أتابع و بشعور أعجز عن وصفه ردود الفعل التي صاحبت (مرشد سياحي) و أقضي في ذلك أخر عشر دقائق قبل الإفطار فأنا من النوع الذي يبتعد عن الشارع أحياناً لخطورة الوضع هناك في هذا الوقت .
و أخيراً انطلق الأذان و أفطرت و بعد إفطار بطني يأتي موعد إفطار دماغي بكوب من القهوة من قهوة أو كافي أدم و لكن قبل ذلك كان يجب أن أذهب لمستشفي ال(تم حجب اسم المستشفى خوفاً من قضايا التشهير) و أزور صديقاً لي يدعى كريم و يلقب بالفوكس , أما الفوكس فهو الثعلب باللغة الإنجليزية و سبب التسمية يحتاج لصفحات و أما سبب وجوده هناك فهي عملية استئصال الزائدة و عجبي لهذه الزائدة فهي تنام في الجسم مستقرة لسنين و ما أن تلتهب حتى تقلب حياتك جحيم و قد تقتلك , و يبدو بأن التهابها أحيانا انتقام منها لتسميتها الزائدة .
وصلت للمستشفى أنا و رفيقي و عندما سألنا عن الغرفة سأل موظف المستشفى : "زيارة ؟" ( لا جايين كساد والله) عموماً, وجودي في هذا المستشفى و تأثري بمرشد سياحي جعلني أفكر ماذا لو أردت أن أتحدث للسواح عن مستشفياتنا , و قبل أن أكمل تفكيري وجدت بدله العمل على جسدي مع شعار شركة تهريس و وجدت فوجاً من السواح أمامي , فبدأت :
"عزيزي السائح أهلا بك مرة أخرى في رحلة شركتنا , في هذا اليوم سنتحدث عن المستشفيات في بلادنا .
قطاع الصحة عندنا يشهد تقدماً كبيراً عنكم فعندنا المستشفيات العامة و الخاصة و كذلك العيادات و المصحات أما دكاترنا فهم ذوي قدرات هائلة فلا تستغرب إذا ما وجدت هذا الدكتور يعمل في 5 مستشفيات و مصحتين و عيادة خاصة به , و تختلف قدراتهم من مكانٍ لأخر و يكونون في أفضل حالتهم في المصحات الخاصة و العيادات  و تقل في مستشفيات الدولة ذات العلاج المجاني .
و بالحديث عن مستشفيات الدولة فهي أكثر تنظيما منكم أيضاً فلهذه المستشفيات جدول استقبال للحالات الطارئة فلو مثلا أصبت في حادث سير أمام إحداها و لم يكن اليوم دور هذه المستشفى في الطوارئ فسيقومون بنقلك للمستشفى المختص في هذا اليوم , و سيقومون بعلاجك و إجراء كل ما يلزم لك قبل خروجك للمقبرة أقصد للمنزل سالماً معافى و دون أن تدفع درهماً واحداً .
أما إذا كنت من ذوي الحالة الجيدة مالياً فعليك بالتوجه لمصحة خاص و مجموعات المصحات عندنا هي شبكة نصب أقصد شبكة علاجية رائعة فقد تدخل لإحداها و تكون عمليتك في أخرى أما التحاليل و الصور فيختلف مكانها حسب نوعها فلا توجد مصحة تمتلك كل المعدات لأسباب غير معروفة , ثم لتجد بأن فاتورة علاجك تحتوي رقماً لم يعلموه لك في المدرسة لكبر حجمه و قيمته , و ملاك هذه المصحات عادة ما يكونون من أصحاب رؤوس الأموال المعرفين و هم أيضاً أصحاب مشاريع أخرى فهم يحبون الخير و الاعمار في هذه البلاد (أدام الله عليهم نعمته) , دون أن ننسى لفت انتباهكم بأنها عادة ما تكون مشاريع عائلة و قد يصدف أن تجد إخوة من نفس العائلة يملكون عددا من المصحات و يقومون بتوفير فرص عمل لإخوانهم و أقربائهم من الأطباء فيها فمثلا مصحتي ال (تم حجب اسم المصحتين خوفاً من قضايا التشهير) يمتلكها اثنان من عائلة ( تم حجب العائلة خوفاً من قضايا التشهير) و تقريبا فيهما نفس الأطباء .
أما عن مرضانا و يا سلام على مرضانا فهم نفوا كل النظريات في بلادكم حول منع التدخين عن المريض في المستشفى و أنه يجب أن يأكل المسلوق من الطعام فقط فهنا نأكل و ندخن كما نشاء و في وسط المستشفى أحياناً مؤمنين بالنظرية الخالدة (اللي ما تقتل تسمن)
و أذكر ذات مرة بأني زرت مستشفى فوجدت مريضا يتجول في أروقتها ساحباً معه كيس التغذية يبحث عن ولاعة و أذكر أيضا دخول عائلة تزور ابنها الخارج من العملية منذ ساعات محضرة معها عصير الريحان فخر الإنتاج الوطني و رفيق كل مريض و كذلك (رز بالخلطة مع عصبان) و العصبان أو كما هو معروف في بلاد النيل الشقيقة (بالمنبار) و هي عبارة عن أمعاء دابة ما قد تكون خروفاً أو بقرة و أحيانا جمل , تحشى برز و لحم و بعض الأشياء الأخرى و هي تضم كمية دهن تضع معدتك في أقصى حالات عملها , و لكنكم في بلادكم بلاد الفرنجة ترمون هذه الأمعاء و ترمون المعدة و هي الكرشة عندنا , أغبياء حقاً انتم أيها الفرنجة ترمون مثل هذه الثروات و تأكلون الخنزير .
و نحن في طبعنا نحب الكشف الدوري في المستشفيات العامة فقد يصحو أحدنا و يشكو من ألم في البطن و يذهب للعيادة و لا يكتفي برؤية طبيب الباطن بل يمر على طبيب العيون فالأنف و الأذن ثم المسالك فالعظام ولا بأس إذا مر على النساء و الولادة و الأطفال .
و إذا ما كنت طبيباً تريد العمل هنا فباب الجنة سيفتح لك يكفيك فقط أن تعمل في اثنين من مستشفيات الدولة و في نفس العدد من المصحات الخاصة لتكون ثروة هائلة , و إذا ما قلت أن هذا سيحتاج لسمعة طيبة فلا تقلق يكفيك فقط أن تعالج اثنين من العجائز الكبار في السن و ثلاثة من (الشياب) المتهالك صدرهم بسبب دخان الرياضي و هم من سيقومون لك بالدعاية و الإعلان في كل خيمة عزاء أو لمة , و أما اللمة فهي إجتماع قمة نسائي يقام بمناسبات مختلفة و أكثرها هي مناسبة الولادة , و هو موضوعٌ أخر يطول شرحه و يحتاج لجولة أخرى .
و إلى هنا تصل نهاية جولتنا السياحية شكراً لإختياركم شركة تهريس للسفر و السياحة .