الثلاثاء، 7 أبريل 2015

أقنعة (2)

              
جلس في غرفته التي انسحب منها الضوء فبقيت مظلمة خالية من أي نور إلا من ذلك الضوء المُرسل من القمر ونيس كل من يعاني من وحدة الليل , جلس على الأرض مستندا إلى الجدار ناظرا إلى رفيقه الساكن بالسماء و أفكاره تجول في السماء باحثة عن إجابات لأسئلة كثيرة تسبح في رأسه.
أشعل سيجارته و مع أول نفس بدأ يفكر في ما قاله في تلك المسرحية هل حقاً نحن لسنا في حاجة إلى أقنعة لكي نعيش ؟ هل كل من ارتدى قناعاً يُخفي ورائه وجهه كاذب ؟ و هل كل من ارتدى عباءة يستر بها ما بجسمه من عيوب منافق ؟ جاء من داخله صوت يقول: ( بكل تأكيد فلما النفاق و الغش و الكذب ؟ لما نخفي حقيقتنا عن الآخرين ؟ لسنا في حاجة أن نكون غيرنا حتى نُعجب احدهم يجب أن نكون فقط على ما نحن عليه حقا ؟).
نظر إلى انعكاس صورته على زجاج النافذة و قال ( لا , نحن في حاجة إلى الأقنعة فليس كل من يرتدي قناعه هو كاذب ,و ليس كل من وضع عباءته فوقه منافق , ألم تعش سنيناً بدون قناعٍ أو عباءة ؟ و حتى عندما قررت أن تضعهما جعلت في ارتدائهما استثناءات ؟ ألم تثق في أشخاصٍ كثر و وقفت بجانبهم و ساندتهم ؟ أقارب و أصحاب و أصدقاء ؟ و مالنتيجة ؟خدعوك و مازالوا يخادعونك , أليس هم من زادوا فوق جراح الزمان جراحاً و ندوباً على جسدك عندما أزلت عباءتك ؟ الأقنعة ليس للكذب و النفاق , و لكنها تخفي عن الناس ذلك الوجه البشع الكامن خلفها).
فعاد الشخص الكامن بداخله للحديث وقال(لماذا نُخفي عنهم حقيقتنا ؟ لماذا..)
و دون أن يتركه يكمل كلامه قال (لأنها لن تعجبهم, كل هؤلاء يبحثون عن الكمال رغم أنهم لا يملكونه أساساً , لن تعجبهم العيوب الموجودة و ستزداد حيناً بعد كل ما اقتربنا منهم بدون أقنعة, لهذا نختفي ورائها , و كذلك الأمر للعباءات نضعها لنخفي جراحنا السابقة التي سترعبهم و حتى نحمي أجسادنا من جراحٍ أخرى , و إن لم نفعل هذا ولا ذاك سوف نُجن ,
يا صديقي أن تتحدث عن بشرٍ في مدينة فاضلة , عن بشرٍ غير هؤلاء , فالقريب هنا هو أبعد الناس عنك , و الصديق ليس فيه من الصدق شيء , و الصاحبُ ساحبٌ .
قد أبعدت قناعي زمناً كما قلت لي و لكنك ترى ما فعله ذلك ها أنا أجلس وحيداً أخاطبك, و ازدادت جراحي حتى أن نفسي لم تعد تقوى على احتمال شيء أخر , و الأن لن أجد خير من قناعي رفيقاً و لكن الخوف كل الخوف من أن يصبح القناع هو من يضعني ولست أنا من يضعه؟
).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق