الأربعاء، 6 مايو 2015

c'est la vie



في منتصف الليل استيقظ متعرقاً منزعجاً من ذاك الكابوس الذي راوده, و الذي لاصقه طيلة أسبوعين تكاد لا تخلو الليلي فيهما منه , و كأنه نسى كيف يحلم بغيره , نظر إلى السقف فور فتحه عيناه ثم دار بنظره سريعا في الغرفة التي أحس بأن معالمها غريبة , فليست هذه هي المعالم التي اعتاد عليها ثم تذكر بأنه ليس في بيتهم و أنه خرج نازحاً من بيته منذ أشهر نتيجة للاشتباكات المسلحة الدائرة هناك و لأن حالته المادية منعته من الخروج هربا من (الرباية) بنغازي كذلك منعته عزة نفسه أن يذهب لأحد أقربائه حتى لا يثقل عليهم قرر البحث عن مسكنٍ للإيجار , و بعد معاناة مع جشع المُلاَك فبين من ضاعف إيجار الشقة لضعفين و ثلاث و بين من يطالب بإيجار ستة أشهر مقدم عانى الأمرَين , حتى صاحب الشقة ذات السعر المعقول و الذي لم يطالبه بمقدم طالته موجة الطمع المصاحبة للثورات و الحروب ليستغل ضعاف النفوس احتياجات غيرهم ,فبعد شهر و نصف تفاجأ به أمام باب الشقة ذات يوم يخبره بأن إيجار الشقة سيرتفع و بأنه إن لم يدفع يجب أن يغادر , و لكن مهما اشتد الظلام فإن النور قادم و لأنه في كل مكان هناك (الصالح و الطالح) و بعد غابة من الطالحين وجد الصالح الذي أعطاه الشقة بسعرٍ ليس سعرها و خيره في أن يدفع وقتما شاء و هاهو ذا ينتقل إلى مسكنٍ ثالث خلال أشهر .
استيقظ و وصل إليه صوت امرأة أطلقت زغروتة انتهكت حرمة سكون الليل , زغروتة أتت لعتبر عن فرحة امرأة بإبنها البكر الذي ستزف إليه عروسه غدا .
شعر بالحزن و لم يعلم لماذا هل هو حزنٌ على ذاك الشاب الذي أنتقل إلى أصعب مراحل الحياة و سيبدأ العيش مسئولا عن كل قراراته أم هو حزن على نفسه, هو الذي لم يختر حياته فهو من أراد أن يكون مبرمجاً للحاسوب و لكن والده الذي أصر على أن يكون ابنه مهندساً حتى يقال ( الحاج بات المهندس) , أرغمه على أن يغير مجاله ليتخرج و يقف في طابور العاطلين عن العمل بعد سنواتٍ من المعاناة مع الدراسة فمن الذي ينجح في شيء لا يحبونه , حتى في قوانين البشر لا يمكن أن تنجح علاقة بين اثنين لا يريد أحدهما الأخر  .
و بعد أن بدأ في مسيرته المهنية و بدأ في تكوين نفسه أتت أمه لتفرض عليه زوجة لا يريدها و لكنها "بنت خالتك حليمة طبخها جميل ما شاء الله عليه و (شفتها ترقص في عرس أختك حنان و ما شاء الله عليها حرة مش بايرة ) , و كأن المرء يتزوج بجارية تطبخ و تنظف ثم تأتي في الليل لترقص لزوجها , و كما أرغمه أبوه على ترك المجال الذي يحبه , أجبرته أمه على ترك الفتاة التي أحبها و رآها زوجة له و جاء ذاك العرس ليشفط في لحظة ما جمعه من مال في سنين و (اللي يبنيه النمل في عام يشيله الجمل بخفه) .
و هاهو ذا تجاوز الخامسة و الثلاثين من عمره و لا يذكر بأنه قام بشيء يريده و لكن كما يقول الفرنسيون إنها الحياة
C’est la vie 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق