الجمعة، 31 يوليو 2015

براد شاهي 2

ليلة أخرى هادئة مملة يبحث فيها دماغي عن كل ذكرى مؤلمة فيجلبها لي ليعيد إلى أوجاعاً كنت قد ظننت بأني نسيتها منذ زمن , و كعادتي في كل ليلة أدخل المطبخ لأحضر براد الشاهي الخاص بي لأسكب منه كيساناً تخفف عني بعضاً من وحدتي بحلاوتها , و هذه المرة جئتِ أنت في البال , و لا أعلم لما لا تخطر علي ذكريات العواطف إلا عندما أكون أمام البراد , بدأت أصابعي تتأكل في إشارة منها بأنها تريد أن تجلس و تكتب عنكِ , وضعت الشاي على النار و جلست بجانبه حتى أنتبه له ولا يفور كما حدث في المرة السابقة.جلست و بدأت أتذكرك حتى أحصر أفكاري , أتذكر كل شيء فيك عطرك , مشيتك , ضحكتك , كل شيء فيك حتى ظلك , بدأت أتذكر بداية معرفتي بك عندما اكتشفت فجأة بأني معجب بك , لم أعلم لماذا ربما لأني وجدت فيك ما لم أجده في أحدٍ من قبل أو ربما لم أبحث عنه أصلا , دارت بداخلي الشكوك و المخاوف , فخفت بأن أكون موهوماً و أن ما أشعر به هو مجرد رغبة لمليء الفراغ العاطفي الذي سببته تلك التي مضت .
و صراحة و كعادتي دائماً خشيت الرفض و خصوصاً منك أنتي فبك و معك بات كل شيء جميل حولي بعد أن كان موحشاً , فقبلك كنت مجرد جثة هائمة تدور دونما وعي أو إدراك , لا قلب ينبض ولا عقل يفكر ولا حتى روح تحس , و عندها جئتِ أنتِ , و كأنك قمتِ بفتح شراييني فعاد الدم يسري في جسدي و عاد القلب ينبض دافعاً الدم لعقلٍ بات يقضي ساعات النهار و الليل يفكر فيك أما الروح , فقدت عاد له الإحساس , و أي إحساس ؟ الإحساس بكل هذا الجمال , فكأن كل جمال الكون قد وُضع فيك , جميلة أنتِ كأهداف ضيف الله و قدوين للمشجع النصراوي  و هذا ما جعلني أفكر و أخشى الرفض , فأنا لا مال و لا جمال , و بهذا المبدأ تقتنع ذاتي و ترفض كل محاولة مني لأصارحك بشيء خوفاً من أن تضيع هيبتها و تقلل من قيمتها , فالأمر في نظرها واضح هل يعقل أن تنظر من هي بجمالك إلى من درجة وسامته تساوي درجة تجمد الماء , و لأن ذاتي هي المهمة فقررت إرضائها و التزمت الصمت .
و لكن قلبي لم يفعل فظل يرقص فرحاً صامتاً في كل مرة يراك فيها , حتى ذات ليلة كان المطر فيها يدق فيها على الأبواب قرعتي أنتِ جرس قلبي و قرأتِ صدفة ما كتبته بعنوان "براد شاهي" مسبقاً و لعنت نفسي بسبب ذلك , فما كتبته هناك هو ضعف مني ولا أحب أن يرى أحدهم ضعفي , طال النقاش و امتد حول وجهات النظر في الحب و بين كل سطر و سطر تقولين بأن الحب ليس عيباً و أن ذلك من حقي , فرحت بهذه الكلمات كفرحة سائق حان دوره و دخل محطة البنزين بعد معاناة ساعات , فانزلقت الكلمات مني و قالت كل شيء , و لكن ما حدث لي هو ما حدث لسائق أخر حان دوره فأغلقوا المحطة أمامه لنفاذ الوقود منها , لم تقولِ شيء و لم تعيدِ فتح الموضوع حتى بعد ذلك بأيام و أرغمت نفسي على نسيان الموضوع ,  أذكر بأنك قلتِ بأنه لا وجود لأحدٍ في حياتك و هذا ما أعطاني بعض الأمل في حدوث معجزة ما تولد فيك بعض المشاعر تجاهي و هو أمر لم يحدث مسبقاً , و لكن الآمال انهارت و سقطت هيبة ذاتي عندما اكتشفت بأن بداخلك مشاعر لعلان و بأنك صارحته بها و لم تخبريني عنها و عندها أحسست بأن مخدوع مرتين , فقد خدعني عقلي و جعلني أظن أني مثل (علان) في ما يستحق الإعجاب , و الخدعة الثانية بأنك جعلتنِ أعيش على وهم.
و عندها تذكرت لماذا أغلقت قلبي أمام البشر و لم أسمح إلا للنيكوتين و القهوة و الشاهي بدخوله , و على ذكر الشاهي بدأت أسمع صوت غليانه , سأقوم لأسكب لنفسي (طاسة) ثم أعود  للحديث عن ما في داخلي من مشاعر ,......تباً نسيت أن أضع الحشيشة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق