الأحد، 10 يناير 2016

انا و صرصاري

استيقظت هذا الصباح وقد تجمد الدم في عروقي من برودة الطقس , ساومت نفسي لساعة , فأنا أُريد النهوض و هي تطالب ببضعة دقائق أُخرى من النوم , وكلانا يعرف بأنها تكذب فهي أبداً لن تكتفِ بهذه الدقائق , أقنعتها و قمت داخلاً الحمام كالعادة في كل صباح , فتحت الباب فرأيته يجري هارباً في الحمام , صُحت فيه بأن لا تفزع فهذا أنا, وقف هو ناظراً لي و كأنه يستغرب من هذا الذي يحدثه , عندها أدركت بأنه لا يمكن له أن يراني من موقعي هذا , فأغلقت الباب و أخذت من الأرض مجلساً و قلت له :" لقد مرَّ زمنٌ طويل على تقابلنا لأخر مرة ".

اقترب هو مني و قال:" مرحباً بصديقي من بني الإنسان ,نعم لقد مرَّ زمنٌ طويل , فنحن كما تعلم لا نخرج إلا في الصيف عندما يُصبح الجو حراً , فنزيدكم بدل الهم همين , قرفكم من حرارة الطقس و قرفكم منا ".

ضحكت وقلت :" و لماذا لا تخرجون إلا صيفاً ,و مالذي أخرجك في هذا الطقس البارد إذاً؟"

فقال :" سأجيب على الشق الثاني من سؤالك أولاً , الذي أخرجني يا أخي في الحياة بأن لزوجتي صديقة من بنو القطط أخبرتها بأن هناك ثمرة شهية برتقالية اللون لا تنمو إلا في فصل الشتاء , و لأن النسوة لا يرتحن عند سماعهن عن شيء جديد من أنثى أخرى حتى تجربها , فقد قلبت زوجي المصون حياتي جحيماً حتى أتي لها بمثل هذه الثمرة , أما عن سبب خروجنا صيفاً , فحن لا نحتمل برد الشتاء , ولأننا لسنا مثلكم لا نعرف النفاق , فنعترف بضعفنا أمام هذا الفصل و نختبئ تحت الأرض خوفاً من برده , أما أنتم فتعلنون تحديه و تغطون بشاعة أنفسكم أمامه بالثياب , أنتم تخبئون حقيقتكم دائماً أما نحن فلا نستطيع هذا ".

-" ها أنت ذا تحاول أنت تهاجم بنو جنسي من جديد و لا أعلم مالذي رأيته منهم حتى تقول مثل هذا الكلام"

- " لا يا سيدي أنت تعلم سبب مهاجمتي لهم , فأنتم تعانون من شيء أسميه ازدواج المعايير , تطلقون أسماء مختلفة على أشياء متشابهة , مثلاً هل تعرف الفرق بين الساقطة و الممثلة عندكم ؟"

- " لا , قل لي مالفرق؟"

- " سأقول لك , إحداهن تعرت بين أحضان رجل في السر , خلف الجدران و أخذت على فعلها هذا بضعة نقود , هذه ساقطة في مفاهيمكم , أما الأخرى فقد قامت بذات الفعل و لكن بدل من أن تقوم به سراً قامت بذلك أمام كاميرة تصورها ليشاهد فعلها بعد ذلك الملايين, و بدل النقود القليلة , تأتي و تأخذ الملايين و فوق كل هذا تنال جوائز عن دورها هذا و تعبها فيه , ههههه أنتم لا تعلمون بأن تلك الساقطة كما تسمونها قد تعبت أكثر منها , فذاك الممثل في نهاية المطاف ممثل , قد تعطر قبل خروجه , ولكن بعض شبابكم لا يعرف للنظافة معنى ".
صمت هذا الكائن البني , دار في مكانه كالعادة مُحركاً قرونه في المكان , ثم قال لي :
" تخيل شيئاً واحدً , تخيل فضل هذه السيدة اللي تقولن لها ساقطة على شبابكم , تخيل الخدمة التي تؤديها بإستقبالها لطاقة الشباب المكبوت , تخيل مالذي سيحدث لشبابكم بدونهن , و هل تعرف ما المضحك في هذا الموضوع ؟ المضحك بأن الشاب من شبابكم يقدم كل شيء لإحداهن , يعطيها المبلغ التي تريده , تراه مُستعداً أن يدفع أي ثمن تطلبه لقاء ليلة معها , و ما أن يخرج من بابها و يجلس مع صحبه يقول عنها ساقطة و ألفاظاً أبشع من ذلك , هههههه المغفل لا يدرك بأنه أذل نفسه لساقطة بل و جعل نفسه عبداً لها...... هل لديك ما تقوله يا صديقي ؟".

تعقّد لساني و لم أعرف بما أجبه فاعترفت له :" الصراحة بأني قد وقعت في حيرة من أمري , ولا أملك سبيلاً ولا وسيلة للرد عليك يا سيدي "

قاطعني قائلاً :" عذراً أنا لست سيد أحد , فلا وجود لهذه الأشياء عندنا , و لكن هذه حديثٍ أخر سيطول و يطول و أنا قد تأخرت على موعد عودتي , سأذهب الآن و أعود لك في الغد , وداعاً أيها الإنسي".


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق