الخميس، 21 يناير 2016

چای کتری

يوم عادي اجلس فيه في كافتيريا قسم العمارة أفضل مكانٍ أشرب فيه قهوتي اليومية , كانت الغيوم قد غطت قرص الشمس إلا جزء بسيط ظهرت منه أشعتها فباتت كحسناء ارتدت نقاباً يُظهر لنا جمال عينيها , كنت جالساً على مقعدٍ خشبيٍ بجانبي يغني محمد حسن و يطق عوده , و أمامي جلس جبران خليل جبران يحدثني عن قصصه بلغة إنجليزية بينما كان ميخايل نعيمة يترجم لي كلامه و أقواله بلسانٍ عربي , رفعت رأسي قليلا حتى أريح رقبتي من التقوس و النظر للأسفل , حينما قال محمد حسن (جت تدنى ركبة بركبة ريح تهب من ريح الجنة) , و كأن التي يتحدث عنها قد حضرت أمامي , رأيتها تقترب منا شيئاً فشيئا , انبعثت نسمة شتوية باردة من حيث لا أعلم فتلاعبت بشعرها و أزاحته عن وجهها و تُظهر كامل ملامحها , محظوظة هذه النسمات التي لامست شعرها , و كأن سمعت صوت النسيم يتنهد بعشق بعد هذه الملامسة .

تركت هي كل الكراسي و جلست على الطاولة التي تقابلني , أهي صدفة أم إشارة ؟ ..... لا أعلم, ما أعرفه بأني صرت سعيداً لحدوث هذا , أحس جبران و رفيقه بذلك فانصرفا , أما محمد حسن فقد اندثر صوته ...... أم تراه عقلي هو من ألغى وجودهم ولم يركز إلا عليها؟ , كانت ملامح وجهها تصرخ بأنها ملامحٌ شرق أوسطية لكنها لم تكن ككل اللواتي رأيتهن قبلاً , كانت عيناها تحكي قصة حضارة فارسية امتدت لسنوات , حسناء من حسناوات بلاد كسرى , قوامها بدا و كأن نقاشاً قام بنحته أمام قصرٍ من قصور طهران , دون أن تنطق أو أن تتكلم حازت هذه الفاتنة ذات الشعر الأسود على كل تفكيري و سيطرت على عقلي كما سيطرت بلادها على جُزر الإمارات , تحول اسم فكري من عربي إلى فارسي , خرجت أنا و سلمت عرشي لمبعوث كسرى كما فعل أجدادي من العرب الأوائل و الذين صرت اعتقد بأن كسرى أغراهم بحسناوات بلاده , ربما لهذا هم يغطونهن الآن فمن ذا الذي يريد إظهار سلاح مثل هذا ؟ ,في لحظات نسيت كل ما علموه لي قديماً في المدارس عن كرهنا لإيران و عداوتهم لنا , في لحظات صرت أعتقد أن الجزر الإماراتية ماهي إلا رجلٌ عربي خطفته فارسية حسناء من عربية ما , فانطلقت هذه الأخيرة تسبهم و تقذهم حتى بات الكل يكرههم .

سرحت فيها من خلف نظاراتي الشمسية و صرت أرسم مشاهداً لنفسي ذاهباً متودداً لها , هي ملكة تجلس على عرشها , و يحد الكحل عينيها , و أنا جالسٌ على الأرض مرتديا عباءتي , مقدما لها كل قافلتي المحملة بحرير الشام وبلح الحجاز , حدثت فقلت :" يا حسناء الحسناوات أرجو أن تتكرمي و تقبلي ما على إبلي في الخارج كعربون مودة و محبة " , نظرت لي و قد علت وجهها علامات استعجاب و تساؤل , فتذكرت بأن للفرس لسانٌ غير لساننا , لعنت دماغي لأنه لم يتذكر شيئا مثل هذا ... ثم لعنت القهوة التي اندلقت على سروالي فانشغلت بمسحها و لم أنتبه لمغادرتها المكان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق