الثلاثاء، 5 يناير 2016

ِشمس الروم كانت عالية

(هذه الأحداث خيالية و ليس لها أي علاقة بالواقع , و أي تشابه بينها و بين الواقع فهو ناتج من عقلية القارئ , لذلك وجب التنبيه)

الزمان : في وقتٍ ما أثناء حكم (علي بن أبي طالب).
المكان : إحدى المدن في شبه الجزيرة العربية .

.. عاد عبد الله ابن أبي عبد الله إلى بيته بعد يومٍ شاق في العمل , فاليوم كان موعد قدوم قوافل الشام الآتية لغرض التجارة , و بصفته مراقباً للسوق كان لزاماً عليه أن يحرص على عدم حدوث مشاكل بين التجار أو بين الناس , و وجود هذا الكم الهائل من البشر في هذا اليوم يصعب المهمة جدا , و لكن هاقد انقضى اليوم و قد عاد إلى بيته مُنهكاً يطلب بعض الراحة .
جلس يشاهد التلفاز في انتظار موعد الغداء , كانت المشكلة بين علي و معاوية في بدايتها , هذه المشكلة التي باتت حديث الساعة على كل القنوات , ناسٌ تُجدب و أخرى تندب , قلب هو بين هذه القنوات حتى استقر على واحدة تُدعى (الإسلامية) , كان فيها رجلٌ ذو عمامة و عباءة سوداوين و لحية غزيرة بيضاء , جلس يتحدث و يقول :
" إن هذا التحريض على ولينا و أميرنا ما هو إلا مؤامرة من الروم و الفرس يقودها حزب معاوية , و نحن نمتلك أدلة على عمالة معاوية و من معه و عن وجود جواسيس من الفرس و الروم بينهم , و إن هاتين الدولتين قد سعتا دوما للإطاحة بأميرنا الذي تكسرت عليه كل أمواجهم , و إن وقع هذا الأمر لا قدَّر الله , فإنها ستكون النهاية , فلا يوجد في البلاد من يحل محل علياً , و أننا سندخل في فوضى عارمة ".

صمت الرجل الذي في التلفاز قليلا في عاد ليقول : " وصلني منذ قليل خبرٌ مفاده بأن جنودنا تمكنوا من السيطرة على باخرة رومية في بحر الربع الخالي و أن هذه الباخرة كانت تحمل قياداتٍ من استخبارات الروم جاؤوا بتعليماتٍ لمعاوية المدعوم من قيادتهم, أترون أيها الناس ؟ أرجوكم احذروا من هذه القنوات التي تحرض على المؤامرة تنبهوا جيدا حتى لا يتلاعبوا بعقولكم ... و السلام عليكم و رحمة الله".

انتهى هذا البرنامج و صاحبنا جالسٌ يعلوا وجهه علامات التعجب و الحيرة فغير القناة ليجد أخرى باسم (شبه الجزيرة) , كان فيها مذيعاً يتحدث مرتديا عباءة و عمامة بيضاوين ,ذو ذقن محلوق , أما عن ما كان يقوله فهو :" لماذا يتم اتهام قادة الحراك الحالي بالخيانة؟ .. لماذا تتكتم كل القنوات عن المجازر الحاصلة في سجون النظام ؟... ألم يزر وزيري الخارجية الرومي و الفارسي قصر الخلافة في الأيام الماضية ؟... نعم لقد كانا هناك , و تقول مصادرنا بأن موضوع الحديث كان عن طرق مساعدة النظام على قمع حراك معاوية و من معه , هل نسي الناس من الذي أتى بهذا النظام من الأساس ؟... نحن جميعا نعرف من الطرف المستفيد من بقاء هذا النظام حاكماً, لقد أرادت هذه الدول التخلف لنا دوماً بهذا النظام العميل , و هم الأن يخططون لاغتيال معاوية تلك الصخرة الصماء التي تحطمت عليها أمواجهم, وتخدعنا قنوات النظام بالحديث عن مؤامرات تحاك بالخفاء , فقد صرح أحد قيادات هذا النظام بأنهم قد استولوا على باخرة تحمل قادة روم يخططون لمساعدة معاوية في بحر الربع الخالي , و قد أكدت مصادرنا بأن هذه الباخرة تحمل بضاعة تخص معاوية و لا يوجد أي رومي عليها ,.... و مازلنا نسأل إلى متى هذا اللعب بالعقول من قبل هذا النظام".


أطفأ عبد الله جهاز التلفاز و خرج ليستنشق بعض الهواء في الشارع عله يرفه عن نفسه قليلاً, على الناصية وقف حشد من الناس , مزيجٌ من العمائم البيض و السود , يتناقشون في موضوع هذه الباخرة , وقف أحدهم ليصرخ بالقول بأن قريباً له يعمل في خفر السواحل أكد له وجود الروم في هذه الباخرة , ثم وقف أخر ليُنكر هذا فيقول بأن لزوجته ابن عمٍ يعمل في الميناء و قد نفى له هذا , و بدأ كلٌ منهما يرمي الأخر بالسباب قبل أن يقف عبد الله بينهم و يقول لهم بأنه لا بحر في الربع الخالي , ولا وجود لبحر يدعى الربع الخالي , ولكن أي منهم لم يهتم بما قاله, تطور السباب و الشتم ليصبح عراكاً في كل المدينة , كان الجو غائماً تسوده المشاحنات , و في بلاد فارس كانت الحياة هادئة رتيبة يسود الفرس جو من الحيرة فهم لا يعلمون من الذي يدعمونه علياً أم معاوية ؟ , أما الروم فقد كانوا فرحين بنجاح مخططاتهم التي لم يفكروا فيها أصلاً و لكن تلك القنوات تقول بأنهم فعلوها .
كانت شمسنا غائبة , و شمس الفرس كانت مُبتسمة , أما شمس الروم فقد كانت عالية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق