الثلاثاء، 12 أبريل 2016

و لتحيا دولة الحقراء +18

رمضان - 2015
في مقهى يقع نهاية شارع دبي أكثر شوارع بنغازي حيوية في تلك الفترة , و الذي إستغل الحرب كما إستغلها غيره و إستعاد بريقه الذي بات يخفت في الفترة السابقة للحرب بعد بزوغ نجم شارع فينيسيا , و كأن دبي لم تعد تلائم الليبين و مواصفاتهم فإنتقلوا لأوربا بالتسميات , (أدم) كان إسم ذلك المقهى الذي إمتدت طاولاته أمامه في إنتظار المخاريم القادمين بعد إنتهائهم من وجبات إفطارهم و الذين سيعج بهم المكان و هم يتلقون جرعتهم اليومية من المكياطة , بين تلك الطاولات طاولة جلس عليها ثلاثة مخاريم جرت العادة بأن يكونوا أول المداومين كل يوم , كريم الفقيه , أنس بن غزي و العبد لله , كان انس يسترسل كعادته كل يوم في وصف مائدة إفطارهم قبل أن أستلم أنا من بعده الحديث و أصف ما حشوته في أمعائي بعد يومٍ طويل من الإمتناع عن الأكل , من بعيد جاء (إحميدة) و كل سكان شارع دبي يعرفون إحميدة , الرجل الدرويش الذي يدور في الشوارع على رجليه كل يوم دون أن يشكو يوماً من ألمٍ في قدميه , عرفت إحميدة منذ الصغر بصفته جار بيت جدي , و كانت هذه حالته منذ أن أبصرت ذاك الشارع , جاء و في يده كوب المكياطة , جر كرسياً و جلس بجانبنا , قطع حديث أنس و طلب منا (سبسي) , كان أمامه الإختيار بين الأوريس نعناع , الكاريلا أو المارلبورو الإيطالي , فإختار الأوريس , أشعله و قال بجدية (معمر طلع) , نظر ثلاثتنا نحوه ثم أردف :(و قال من أنتم ) , و إنطلقت منه ضحكة عالية جعلت كل من حولنا ينظر نحونا فلم يكن منا إلا أن ضحكنا , صمت للحظة ثم قال :(حتى الساعدي و صفية طلعوا ) , و أنطلق (إحميدة) بضحكاته حتى بات من المستحيل علينا أن نمنتع عن الضحك ولو للحظة , و بين تلك الضحكات كان (إحميدة) يقول بكلمات متقطعة (و عبد الله السنوسي و سيف و الجماعة كلهم ردوا) .
في ذاك اليوم كنا نضحك على هذه المقولات , و إستمرت هذه الجمل تضحكنا بين الفينة , صباح اليوم إستيقظت على أخبارٍ منتشرة على هذا الفيسبوك تتحدث عن عودة المدعو (الطيب الصافي) إلى ليبيا , و الإستقبال الذي قابله بعض السكان به هناك فتذكرت (إحميدة) و حديثه (الجماعة كلهم ردوا) ,
اللعنة ..
هل علم إحميدة بذلك , نعم إحميدة رجلٌ درويش و لكن متوارثنا الشعبي كان دائماً يتحدث عن أن الدراويش له رؤية بعيدة , و أحياناً يكونن (مرابطين) فهل إحميدة مرابط , أم تراه عرف قبلنا بأنا بلادنا عاهرة ليست إلا , و ثقافة الشارع علمتني بأن العاهرات نوعان ( فلوس و غية ) , واحدة تفعل ما تفعله بحثاً عن المال و طلباً له , و أخرى (غية) تقوم بذلك طلباً للمتعة من رجلٍ تريده هي , فأي أنواع العاهرات بلادي , أم تراها جمعت النوعان , عرفتها تحب صاحب المال و صاحب القوة , من سيجازيها بالمال و من يتحكم بها و يقودها كما يريد وفقاً لرغباته و يعاملها كجارية غنمها في غزوة من الغزوات , و طوال معرفتي بها كانت هي ترحب بالإثنين , و هاهي بالأسبوعين الماضيين فقط تستقبل إثنان من أصحاب الاموال , السراج غرباً و الصافي شرقاً , رغم أنها رحبت كثيراً برجالٍ سبقوهما كانت أفكارهم مختلفة عن هؤلاء فأحبوها حتى ماتوا بحبها , هاهو الصافي اليوم يدخل لينام على سريرها الذي نام عليه قبله رجالٌ ماتزال دمائهم واضحة عليه , لا مشكلة في ذلك عندها طالما أنت من أصحاب المال أو السلطة ,أما إذا ما كنت من (رقادين الريح) فمكانك تحت الأقدام و ربما أسفل من ذلك .
لم أرد يوماً أن أشبه بلادي بفتاة ليل ,لكن هي و ما رأيته منها أجبراني على ذلك , و شعبها الذي رحب بكل أولئك الرجال الذين شاهدوهم يمارسون فيما بدى بأنه مشهد إغتصاب , يقفون الأن مطبلين لمغتصبٍ جديد , ماذا عساهم أن يكونوا ؟! , حسنا ماذا يمكن أن يكون من يسلم إمرأة يعرفها إلى رجلٍ جديدٍ كل يوم و يرسله إلى سريرها مقابل نظيرٍ ما , ماذا عساه أن يكون غير قواد , أليست هذه مهنة القوادين ؟ عجباً !! قالوا بالأمس بأننا بلد الميون حافظ لكنهم نسوا ذكر الخمسة مليون قواد د ,خمسة مليون قواد يعملون لعاهرة واحدة .
صدق ذاك الرجل القائل (فلتحيا دولة الحقراء)
الله يمسيك بالخير يا إحميدة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق