السبت، 2 أبريل 2016

ضوء اخضر



*تحذير , لأصحاب العقول المسوسة هذه التهريسة قد تكون +18 لذلك وجب التنبيه


يوم السبت , منذ صغري كرهت هذا اليوم كرهاً لم أحمله لأي يومٍ أخر , قديماً كان السبت يعني عندي عودتي للمدرسة و لطابور الصباح و لتلك الوجوه الكئيبة التي قيل بأنها لطلبة و مدرسين , ثم صار السبت عطلة فبات أسرع يومٍ يمضى , لم يتعلم هذا اليوم من أخيه الأكبر منه جمعة كيف تكون العطل , و الأن هو أحد أيام عطلة نهاية الأسبوع , حين تصبح هذه المدينة القاطنة لجزيرة في المتوسط تدعى قبرص , تصبح كراقصة تعمل في ليالي نهاية الأسبوع , تقضي كل أيام الأسبوع كفتاة محتشمة تسير من بيتها للجامعة و من الجامعة للبيت , تنقلب حياتها تماما في نهاية الأسبوع فتظل ساهرة لساعاتٍ متأخرة من الليل تجالس السكارى في الملاهي الليلية , تصحو ظهر السبت مكموخة من أثار شرب الفودكا ليلة البارحة , و بينما صحيت أنا و في رأسي نقصٌ في سيولة الكافيين فحضرت لنفسي كوباً من القهوة صرت أعده كل يومٍ كروتينٍ ممل أقوم به .
على الفيسبوك ظهرت علامة خضراء بجانب إسم صديقٍ لن أذكره حتى لا تكون هذه نميمة أو تشهير ضطت على زر الإتصال , إنتظار , رنين , المزيد من الإنظار ثم :"ألو" جاء صوته بنبرة تدل على أنه قد صحى من نومه للتو , سأل عني و عن حالي فأجبته بأني قد مررت بأسبوعٍ ممل مزال يرفض أن ينتهي , فقال لي بأن هذا الأسبوع قد كان مليئاً بالأحداث , سألته "لماذا مالذي حدث؟!" فقال :" بأن زهى حديد قد ماتت؟!"
لم أكن أتوقع أن يعرف صديقي هذا زهى حديد و لكن مالذي جعل وفاتها شيئاً مهما بالنسبة له , سألته و من تكون زهى حديد حتى يكون خبر وفاتها حدثاً كبيراً في أسبوعي , هنا تركته يتحدث و بدأت أفكر في أن مالذي جعل وفاة زهى حديد شيئاً مميزاً , كل يومٍ يموت مئات المبدعون الذين لم تتح لهم فرصة ليظهروا إبداعهم , ثم مالذي قدمته هي لي حتى يكون رحيلها حدثاً بالنسبة لي , بالأمس إنتقلت إحدى جارتنا من العمارة المقابلة, رفقة إبنتها طالبة الثانوية , حزنت على رحيل هذه الفتاة أكثر من رحيل زهى , فقد حُرمت من مساءٍ جميلٍ في كل يومٍ تخرج فيه هذه الفتاة لنشر غسيلهم في الشرفة المقابلة بينما كنت أجلس في شرفتنا مدعياً بأني أقرأ .
أعادني للمحادثة صوت صديقي الذي قال :" ألو ألو" , طمنته بأني مازلت معه على الخط فقال :
" وفيه حاجة أخرى (إنقطاعٌ في الصوت) خش".
قلت له :" شن اللي خش ؟!"
فأجاب :" السراج السراج خش لطرابلس".
شعرت بأني قد سمعت هذا الإسم قبلاً , ثم تذكرت بأنه رئيس الوزراء الجديد ذاك فقلت له :
" طرابلس ياما خشلها شن الجديد يعني , مالذي سيكون مميزاً في دخول السراج لطرابلس ؟!"
فأجاب :" تي كيف يا راجل , بإذن الله سيهدأ حال البلاد الأن و و و و"
فقلت له :" بس هو ما خشش كله "
رد علي بصوتٍ فيه بعض الشك :" كيف؟!"
قلت له :" هو لم يدخل بكامله , هو دخل طرابلس فقط , و دخول طرابلس ليس له ذاك التأثير , دخول طرابلس فيه فقط بعض المتعة كما دخول طبرق , الدخول الحقيقي هو دخول بنغازي , كل من أراد أن يحكم ليبيا أتاها من بنغازي , و من بنغازي وُلد كل شيءٍ حدث في ليبيا , ثم إنه لم يدخل بعصاه , و حتى يأتِ بتلك العصا سيظل كأنه لم يدخل ".
سألني صاحبي عن أي عصا أتحدث فأجبت :" عصاه السحرية , كل علاقة فعالة بليبيا تستلزم وجود عصا فالسادية الليبية , أقصد السيادة الليبية تتطلب وجود عصا , أنظر لقراتسياني و عصا المارشلات التي كان يحملها ,إدريس السنوسي كان يملك عصا يتكأ عليها و قد تغنى الشعب بها , القذافي إمتلك عصاً هو الأخر , كذلك عبد الجليل حمل عصاه في بداية الثورة , لكنها فُقدت في ظروفٍ غامضة بعد دخول سرت ".
تعجبت من صمت صاحبي هذا فقلت فنادتيه ولم يجب , إنقطعت المكالمة و إختفت العلامة الخضراء تلك فعرفت بأن الخط قد قُطع , و قلت عجباً مر على دخول السراج يومان و مزال الإنترنت ينقطع في ليبيا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق