الأحد، 14 فبراير 2016

فالنتاين (أنا و فكرون)

استيقظت صباحاً , حسناً يومٌ أخر ممل في العطلة , جولة سريعة على شبكات التواصل الإجتماعي قبل الدخول إلى الحمام , بيت الراحة في مسماه الشعبي أو التواليت عند من مال لسانهم للغرب .. هو يوم الرابع عشر من فبراير , بالنسبة لي هذا التاريخ ما هو إلا تاريخ قرة العنز , بالنسبة لهم هو عيد الحب أو الفالنتاين .

مرة أخرى لا أجد ما أفطر به في الصباح فأتوجه للبقال المجاور , قبل خروجي منه خرجت إحدى بناته مرتديتاً ثياباً جعلتها تبدو في أبهى حلة ,و يبدو بأنها كانت على موعدٍ مع أحدهم , هذه الحسناء التي كانت من أسباب ذهابي الدائم لذاك المحل اتضح بأنها على علاقة مع أحدهم , "كم هو محظوظ" , هذا ما قلته عندما خرجت من المحل و هي تتمشى أمامي , ودعت عيناي النظر إليها من الخلف و اتجهت إلى البيت , حسناً ما هذا ؟! جسمٌ غريب بدا عندما اقتربت منه كطائرٍ ما , حسناً هي بطة من ذاك النوع ذات الرأس الأخضر , رأيت هذا النوع سابقاً في بعض مسلسلات الكرتون , يبدو بأن الطيران أنهكها فسقطت ميتة هنا في الشارع , هدية السماء لي في هذا العيد  .

عدت للبيت أقلب بين الصفحات , أحاول أن لا ينتبه أحدٌ من هؤلاء الأصدقاء "المرتبطين" لوجودي, أذكر جيداً مشاورات الذكور منهم لي حول الهدية التي سيقدمها لحبيبته , و أذكر شكوى الإناث منهم لي أيضاً حول بأن ذاك الحبيب لم يتصل بها بعد و أنه لم يرسل لها حتى رسالة بهذه المناسبة , من قال لهؤلاء بأني أسامة منير ؟ لا أعلم , كل ما أعلمه باني أكره لعب دور المستشار العاطفي , و لسببٍ ما هم كانوا يحبونني في هذا الدور , مر الوقت سريعاً على هذه الصفحات , تغريدات اختلفت بإختلاف حالة أصحابها, هذا مستمع بهذه المناسبة و أخرٌ يستهزئ بأصحاب الدببة و الورود الحمراء , و ما أضحكني بأنه في ذات المناسبة العام الماضي اختلفت الأدوار , هل سبق أن أحضرت هدية ؟! , كلا , و أحمد الله على ذلك فرصيدي من العلاقات لم يسمح بذلك , علاقتين عابرتين انتهت كلاهما قبل قدوم هذا التاريخ , كل ما مر حولي في هذا اليوم كان محتفلاً,فتحت الجوجل فوجدته قد غير شعاره تماشياً مع هذا اليوم , تغريدات الكارهين اختفت ولم أعد أرى سوى الأحبة أمامي , حتى مبارة الكرة التي شاهدت انتهت بفوز  الفريق الأحمر , عندها فكرت بأنه يجب علي الخروج , فقريباً سيزداد عدد المحبين هنا , و ستبدأ قنوات الإم بي سي في عرض أفلام الحب , حتى قناة اقرأ صرت متأكد بأني إذا ما فتحتها فسأجد شيخاً يتحدث عن الحب في الإسلام .

حملت حقيبتي و اتجهت أبحث عن مقهى يكون خالياً من الأزواج و طيور الحب , بعد أن فحصت ثيابي خمس مراتٍ للتأكد من خلوها من اللون الأحمر , طيور الحب كانت في كل شارع و كل زقاق , تعبت قليلاً حتى وجدت مقهىً خالياً منهم , دخلت ثم جلست , و قبل أن تأتي قهوتي التفت الرجل الجالس على الطاولة المقابلة نحوي و نظر إلي قليلاً ثم عاد و نظر أمامه , لم يكن في المكان سوانا بالإضافة إلى صاحب المقهى , استغربت قليلا , بدأت في تفقد ملابسي هلعاً لعل اللون الأحمر تسلل سهواً فيها , و لكن لم أجد شيئاً , تساءلت بيني و بين نفسي عن سبب نظر ذاك الرجل لي , و ما هي إلا لحظات حتى قام من مقعده , حمل فنجان قهوته و اتجه نحوي و جلس معي , حسناُ لقد رأيت وجهه قبلاً لكن أين ؟! ... لا أذكر , قال لي متسائلاٌ :" هل تنتظر أحدهم ؟!" أجبته بالنفي , قال :" و هل يُعقل أن يجلس أحدهم وحده في مثل هذا اليوم" .
قلت له بأني أفضل الجلوس وحدي ,كذبني و قال مغنياً :
" أه يا هارب في الليالي من ليالي في الظلام
حب قلبك في قبلك من عذابك لعذاب".
قلت له :" و لكني لم أهرب من شيء , و لا يوجد في قلبي حب , بل كان و ولى , و ما كان قد بات من الماضي ".


نظر إلى عيناي و أخبرني : أنا لا أتحدث عن الماضي بل عن حاضرك , فعيونك تقول بأنك محبٌ لإحداهن  و ...
عيونك نظرة حزينة
تحكي عن الحب و حنينه
, و أكاد أن أجزم بأن خروجك في كل ليلة متجولاً في هذه الشوارع ما هو إلا لغرض أن تلتقي بها صدفة , و لكن لا تنكر ,
فشباكك ساهر مفتوح
بالنسمة و العطر يفوح
و النسمة ما تحفظ سر
ترحل و تشيل الخبر.

قلت له و على وجهي بعض علامات الضيق:" بأن حفظ الحب في القلب أفضل من البوح به و إحراج الرفض الذي يليه , خاصة بأني لست متأكداً من مشاعرها و
الشمس تجي و تعدي
و الأيام من بكرة تهدي
و الحيرة تلعب بينا
تعبانا خطاوينا ,
نعم هي جميلة , بل و لعينيها سر رائع , هي فائقة الجمال , كم وددت بأن تكون هي من يجالسني الآن لا أنت , و لكن لست أنا من يصارح بمشاعره يا سيدي , و لكن قل لي أين محبوبتك أنت ؟!"

قال لي :" لن تأتي فقد أرسلت لها رسالة قبل قليل قلت لها فيها ,
طاحن نجوم الليل
و أنتي وين ,
و لكن لم ترد , يبدو بأنه كتب لكلينا الجلوس هنا وحدنا في هذه الليل ".

قلت له بابتسامة :" فليحيا العزاب يا صديقي الذي لا اعرف اسمه ". 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق