الثلاثاء، 23 فبراير 2016

فلتفرحي

اليوم فلتعلني أفراحك , اخرجي و ارقصي بين شوارعك , غني بين شفتي نازحٍ عاد لبيته بعد فراق , اليوم لكِ أن تخلعي ثوبك الأسود و ارتدي ما عندك من ألوان , مسموحٌ لكِ بأن تضع عناقيد الأضواء فوق خيم العزاء و ليصبح العزاء عرساً , لكِ أن تذهبي غدا إلى كورنيشك و تجلسي على شط الشابي رفقة فنجا قهوتك , لكِ أن تزوري المنارة , ثم اذهبي إلى مقابر الهواري و زوري موتاك الذين فارقتهم لعام , افرحي و لكن لا تسرفي فالفرح , فالأعداء متتالية , و انتبهي لمن حولك من يقولون بأنهم أصدقاء فخلف كل مائة صديق هناك عدو يختبأ ينتظر الفرصة المناسبة ليهجم , افرحي و لكن لا تنسي أبنائك كما فعلتي قبلاً , فهؤلاء هم من مات لأجلك , لا تنسيهم كما فعلتِ سابقاً , ولا تنسي من نساك بالأمس , لا تنسي أبنائك الذين شغلوا بخالاتهم عنك و لم يزرك أحدٌ منهم فترة مرضك , هم الأن سيأتون بالعشرات , كل منهم سيحضر معه فيلق مصورين و صحفيين ليقولوا بأن النائب فلان أو الوزير علان في زيارة لأمه التي نساها لعام .

أقول لك احذري مرة و مرتين و ثلاث , احذري مِن مَن طرق بابك جائعاً و اكرمتيه , فليس كل مُن نكرمه ذو أصلٍ طيب , فإذا أكرمنا الكريم ملكناه و إذا ما أكرمنا اللئيم تمرد , و كم من شخص كبر و تربى و نشأ فيك ثم أنكرك , لم ينكر فضلك فقط بل أنكر وجودك بالكامل , افرحي و أغلقي باب الفرحة على نفسك كم أغلقوا هم باب الحزن عليك و جعلوك تبكين وسط الظلام وحدك , فبعض إخوتك يا حبيبتي كإخوة يوسف , بل إن بعضهم كقابيل ابن ادم.

ضمدي جراحك , و امسحي أحزانك , ولا تقلقي على ما هُدم فلك أبناء سيشمرون عن سواعدهم لحظة البناء , إني لأشتاق لك , و أشتاق للسير في شوارعك رفقتك , أشتاق للمشي بين ناسك و أنا أحملك في قلبي , أشتاق لمنارتك و ضريحك , لبرك و بحرك , لناسك و أهلك , للجماد و للحيوان , أشتاق لأشعة شمسك ساعة ظهر وسط الزحام , ذات الأشعة تشتاق لملامستك , فافتحي شبابيكك و دعيها تدخل و ارقصي معها و أرسلي صور فرحك , لأفرح و أحزن لأبكي و اضحك لأني لست معك , و لكن لا تقلقي فلي عودة إلى أحضانك قريباً , و مهما طارت و ابتعدت طائرتي فلابد مِن أن تحط في مطارك قريبا .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق