السبت، 27 فبراير 2016

انا و سيبيموس سيفروس

في حوض أبولو كنت جالساًمستمعاً بالمياه الرائعة , أمامي كانت الحسناوات الثلاث , عيبهن بأنهن دوما مع بعضهن فتحتار أنت فيمن تشاهد أو تغازل , بجانبي جاء رجلٌ عظيم الجسم , طويل القامة , له منكبين ما رأيت من قبل أعرض منهما , سألته من الجالس فقال و هو ينظر للسماء : "سيبتموس سيفرس و أنت من تكون ؟" , فقلت بشيء من الخوف و كيف لا أخاف و أنا في حضرة إمبراطور روما فقلت : "تقول الدولة بأن اسمي أحمد و يقول الأصدقاء بأن اسمي هكسي " , نظر نحوي بنظرة جانبية و قال لي :" اسمك و لسانك يقولان بأنك لست من الإغريق ولا من الرومان , فمن أين أنت ؟" , بادلت الإمبراطور بالنظر و قلت له :" أنا من مدينة التفاح الذهبي كما سماها الإغريق , من بنغازي , لي جذور في مصراتة , يقول البعض بأن أصولي تركية و يقول آخرون بأنها يهودية" .
فسألني قائلاً :" و أنت ماذا تقول؟"
أجبت :" أقول بأن أصولي عربية من أرض الحجاز أو هكذا أعتقد ".
عاد الإمبراطور فسألني :" من أي عصرٍ جئت ؟ أمن عصر الفتوحات ؟."
فأجبت :" نعم , لكن ليست الفتوحات الأولى التي أنهت وجود الرومان في شمال أفريقيا , بل من عصر فتوحات و غزوات الألفية الثالثة ".
-" أنت إذا من عصر هؤلاء الذين دمروا الأخضر و اليابس , استيقظت صباح اليوم  بعد أن وصلت من لبدة البارحة و خرجت أتجول في قورينا فوجدت أن غاشماً جاهلاً قد نقش بعض النقوش على عامودٍ عظيم كاتباً "ذكرا من س إلى أ حب لأبد" , صحت في الحراس و في كل الموجودين بأن من فعل هذا فقالوا لي أ      بأنه رجلٌ من قومك , و أخبروني بأن لكم أفعالاً تجاوزت ذلك , و الآن قد حان الأوان لأن يعاقب أحدكم على هذه الأفعال " .
هنا أشار الإمبراطور لحراسه إشارة لم أفهم مغزاها إلا بعد أن وجدت نفسي محمولاً في الهواء يمسكني رجلين ضخمين من ذراعي , قلت له في صوت المتوسل الباحث عن فرصة أمل :" هلا منحتني فرصة أدافع فيها عن نفسي ؟".
نظر إلي نظرة فهمت من مغزاها بأن تحدث فقلت من مكاني :" يا سيدي لم تعد ليبيا و لا شعبها كما عهدتموها , فقد باتت ليبيا دماراً و بات شعبها جاهلاً يقاتل بعضه البعض , لقد ظن ذاك الشخص بأن هذا العامود ليس إلا عاموداً رخامياً " .

نظر إلى السماء ثم دار بالنظر حول المكان ... ألقى تحية على رجلٍ مسن اجتمع حوله مجموعة من الناس بدا كأنه يعلمهم شيئاً , ثم قال لي :" لقد قرأت قليلاً عما يدور في البلاد هناك , وجدت بأن فيكم نسبة غباء , أحببت قيامكم بثورة , لكن لم أحب ما حدث بعد ذلك , لم يعجبني بأنكم التففتم حول بضعة سجناء و جعلتم منهم سياسيين ,و جعلتم من سفهاء القوم إعلاميين , يخرجون على وسائل إعلامكم فيتغوطون بضعة أفكار أخذتموها و جعلتم منها كلاماً عظيماً , تتبعتم شخصاً كان بالأمس جاسوساً و قلتم عنه بأنه وطني و ما إلا ذلك و قد نسيتم بأنه قد كان عميل استخبارات مزدوج يعطي المعلومات لمن يدفع أكبر مبلغ من المال , و الأكثر من ذلك أنكم جعلتم من أناسٍ عاشوا بالخارج أغلب عمرهم نوابٌ عنكم ".

قلت له :"و لكن هذا الكلام قد يقوله الرومان عنك فأنت الذي أتيت من ليبيا لتحكم روما"

-"قد كانت لبدة حينها جزء من روما , ولكن دعني أقل لك , إن من يعش في ليبيا يستطيع أن ينجح في أي منصبٍ يتولاه بالخارج , لكن العكس غير صحيح , أُنظر لكل الأطباء و العلماء و الأدباء الذين عانوا في ليبيا ثم خرجوا بعيدا فبات لأسمائهم رنينٌ يسمعه القاصي و الداني , انظر لشيشنق الأول , الفرعون الذي حكم مصر ثم أصبحت عائلته العائلة الحاكمة لخمس قرونٍ تلتها , من يتربى في دولة سيظل يذكرها دوما , سيحب مكاناً أخر رفقة موطنه ".

وقبل أن يكمل الإمبراطور كلامه أحسست بصدمة فاستيقظت من نومي و وجدت بأني قد وقعت على الأرض

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق