السبت، 26 مارس 2016

يا ولدي


عزيزي ابني الغالي , كيف حالك ؟! أرجو أن تكون بخيرٍ حيث أنت , اعذرني على تأخر لقائي بك و لكني انشغلت بتوفير ما تحتاجه لتعيش حياة طيبة عندما تأتي , ثم اني مازلت أبحث عن من تكون أماً لك , و يبدو أن بحثي سيطول يا ولدي .
أردت إخبارك بأني قد إخترت (مالك) إسماً لك , لا أعلم إذا ما كنت تحبه أو لا , لا أدري إذا ما كان سيعجبك و لكن لا يهم , المهم أنه يعجبني أنا , هكذا تجري الأمور عندنا , يقرر الأبوان أو أحدهما ماذا سيكون اسم مولودهما المنتظر دون أن يشاوروه أو يأخذوا رأيه , ولأننا مسلمون , سيكون الإسلام دينك أنت أيضا, سترث عني هذا الشيء , ستكون صغيراً على اختيار مثل هذه الأشياء , فاخترتها أنا لك , كما ساختار لك لون غرفتك و نوع أكلك و موعد نومك , سأكون صريحاً معك لن تكون قادراً على إختيار أي من هذه الأشياء.

عندما تكبر قليلاً ستبدأ في الدراسة , سأحرص على أن تكون طالباً متفوقاً حتى أقول أمام الغير بأن ولدي متفوق , و حتى تتمكن أمك من إغاضة زوجة أخيها لأنك نلت درجة أعلى من ابنها , سأملىء رأسك بأنك يجب أن تكون طبيباً , ربما ستريدك أمك مهندساً , و لكن عدا ذلك لن تكون شيء أخر , لا يوجد مهن أخرى , ربما ستقول لي بأنك تريد أن تدرس الأدب , ولكن كلا , ولدي لن يكون إلا طبيباً أو مهندساً , حتى أقول أمام الكل بأني والد الدكتور مثلا , سأختار لك أي فريقٍ رياضي تشجع فلن أرضى بأن يكون ابني أهلاوياً , سأحدد توجهك السياسي وفقاً لتوجهي تماماً كما أحدد لك ملابسك التي سترتديها .

دعني أقل لك بأني سأفرح عند تخرجك , سأبني لك شقة فوق بيتنا حتى تكون قريباً مني , سأسعد عندما تأتي و تقول بأنك صرت تريد الزواج , و سأختار لك أجمل بنات عمك , ربما سنناقش هذا الأمر إذا ما قررت أمك أن تختار لك ابنة خالك , سنفكر في ذلك لاحقا , بالطبع سأفرح عندما أصبح جداً و اختار بنفسي اسم حفيدي تيمنا باسمي و سأدعك تربيه كما تريد و تختار .

ستظن بأني لن أدعك تختار حياتك كما تريده , لكن دعني أقل لك شيئاً , إن هذه هي الطريقة التي نفعل بها الأمور في هذا المجتمع , الغالبية تفعل هذا , يختار الأبوان كل شيء لإبنهما , يختاران له حياته , يحاول الأب أن يربي ابنه كأنه يصنع نسخة مصغرة من نفسه , ستكون عبارة عن نسخة كربونية مني , نحن يا ولدي مجتمع يحب فيه الاباء أن يزرعوا بذورهم في الأبناء , ليكبر الأبناء و يكملوا حياتهم وفقا لما يريده أبائهم فيما يعرف بالعادات و التقاليد عندنا , لا نحب كسر هذه العادات و كاسرها مُلامٌ من الجميع , اعذرني يا ولدي , و الأن انصرف إلى غرفتك فورا! اه لقد نسيت بأنك لم تولد بعد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق