الأحد، 28 يونيو 2015

مرشد سياحي 6

عزيزي الأجنبي السائح في هذه البلاد كان يجب علي أن أحدثك عن شيء أخر مميز في بلادنا ألا و هو قيادة السيارات و قوانين المرور , فهي أشياء تختلف كل الاختلاف عما في بلادكم و ما في هذا الكوكب المسمى كوكب الأرض تماماً , فسائقي السيارات عندنا يجب تسميتهم حقاً بسائقين من كوكب أخر .
فهناك في بلادنا أصناف عديدة من السائقين , و لنبدأ أولاً بالنساء منهم تيمناً بمقولة "السيدات أولاً" ,  و بصراحة لا أعرف من أين أبدأ , فهو نقاش كبير و موضوع ضخم و لكن سأقول لك أحاديث بعض الأشخاص من الذين سبق لهم و أن تصادموا بنساء في الطريق و يروي أحدهم بأنه في مرة ترك طريقأ رئيسيا و توجه نحو أخر فرعي , و إذا بإحداهن تترك كل الطريق الرئيسي و تتوجه نحو سيارته أما عن أخر ما فعلته هذه السيدة هو أنها تركت عجلة القيادة (الدومان) و تركت السيارة تتجه إلى حيث تريد  .
و المرأة عندنا مقدرة كل التقدير في حوادث السير فيكفي أن تنزل من سيارتها منهارة ليضيع كل حقك و يصبح لزاماً عليك أن تسعفها حتى لو كانت هي التي صدمتك و أن تسير على الأقدام , لذلك نصيحة لك عزيزي الزائر إذا ما رأيت إحداهن تقود و أنت على تسير على قدميك (اعفس) أي أهرب بسرعة .
و هناك نوع أخر و هو السائق المستعجل دائما و الذي لن تراه إذا ما مر بجانبك و انت تقود نظراً لسرعته الرهيبة و من علامته بأنه لا يعترف بالإشارة الحمراء و هو نوع يسير بال(تبييب) و التبييب هو فعل (بيابة) و هي زامور السيارة في لهجتنا , و هذا النوع (يبييب) حتى في وسط الزحمة  .
و أثناء سيرك في شوارع المدينة ستجد من يقود في الإتجاه المعاكس و قد تظن أنه يخالف القانون ولكن اسمح لي أن أقول لك بأنك مخطئ لأن هذا النوع قد عاد مؤخراً من المملكة المتحدة و لم يعتد بعد على القيادة في الجهة اليمنى من الطريق كما تقول قوانين المرور عندنا هنا , و على ذكر القوانين فهي شبه مهمشة هنا و ربما تكون قد لاحظت قلة دوريات المرور هنا و ذلك يرجح لقلة اللجوء إليهم , فالحوادث هنا تحل بشكل ودي عادة و  تنتهي بالابتسام عادة , و هي عادة تكون مصدر فرجة لمن ضربه (الطل) و أصابه الكساد فتجد العشرات من الناس واقفون و يستمتعون بالفرجة على هذا الحادث و محاولة تهدئة أطراف الحادث التي قد تمتد لسبعة أو ثمانية أطراف و رغم كل ذلك فعادة ما تنتهي هذه المشكلة بجملة (حمد لله على سلامتك و الحديد يتعوض) , أما في الحوادث التي يصاب فيها بشر و تسال فيها دماء , فهي الأخرى تنتهي تقريباً دون اللجوء للمرور و بحل يرضاها كل الأطراف ".
قال أحدهم :" إذا لديكم قانون عادل ؟
أجبت : "نعم"
فسأل :" هل اقتبستموه من القانون الفرنسي أم ماذا ؟"
فقلت : لا , فنحن لدينا قانون أعظم و هو قانون "الرز و اللحم" و هو قانون يحتاج لكتب حتى نفسره تماما , و أنا عن نفسي لم أجرب هذا القانون يوماً و لكن لي تجربة مع (الحديد يتعوض) , فأّذكر ذات يوم أنه حدث و تصادمت مع أحدهم بالسيارة و يجب أن أذكر هذا اليوم فهو الحادث الأول لي كما أنه حدث في هذا اليوم الذي أكتب فيه هذه الحروف , أقصد أقوم به بهذه الجولة , لم تكن هذه السيارة سيارتي فعلاقتي بالسيارة كعلاقة عباس العقاد بمي زيادة أرادها كثيراً و لكنها لم تكن له يوما , كذلك أنا أردت السيارة طويلاً و لكنها لم تكن لي , عموماً خرجت من البيت فوجدت صديقي الذي تحدثنا عنه سابقاً "الفوكس" أمام البيت  و قد ركب بجانب مقعد "السواق" و تركت لي المقود و يا لها من لحظة , عموما (تكينا)* على صديق أخر يدعى أنس و اتجهنا لنأخذ صديقاً أخر يدعى عمر و في الطريق كان يجب علي الاتجاه يساراً عند مفترق طرق فشغلت (الفريتشة) كأي مواطن سويسري و تصادف  مع ذلك وجود مواطن سويسري أخر قادم في الاتجاه الأخر , كان لزاماً علي أن أقف حتى يمر ثم أكمل طريقي و لكن مايكل شوماخر الموجود بداخلي لم يرد ذلك فإذا بي أنطلق مسرعاً معتقداً بأني تجاوزته و لكن (البووم) قد حدث , نزلت فإذا بي أجد مجموعة من (المحمدين على السلامة) و مجموعة من (سلم خوته اللي صبوله) أصحاب المواقف المعروفة و هم نفسهم شرطة المرور التي تحل هذه المشاكل , انتهت المشكلة بالاتفاق الودي التام , دون أي أضرار إلا في السيارتين و بعض الألم في بطن "الفوكس" فهو قد خرج مؤخرا من عملية الزائدة و بعض الألم في رأس أنس و كتفه الذي كانت الصدمة في جهته , أما العبد لله فقد خرج دون أي أضرار إلا أني حمدت المولى بأني لم أمتلك سيارة حتى هذا اليوم و إلا لخلت شوارع بنغازي من السيارات خوفاً مني .
------------------------------------
*تكيت: هي فعل تكى اي عرج او مر على

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق