الأحد، 21 يونيو 2015

رمضان كريم

انه فجر اليوم الخامس من رمضان و بعد امتناع عن صفحات التواصل الاجتماعي هرباً من كمية النفاق التي تملأها في هذه الفترة من السنة قررت أن أعود لها اليوم و كعادتي منذ شهر أعددت إبريق الشاي "المنعنع" , و الذي بات رفيق سهري و ونيس ليلي منذ فترة و جلست في الهواء الطلق وسط سكون الليل الخالي من الضوضاء – إلا من بعض الألعاب النارية أو أصوات القذائف القاطعة لهذا الصمت و كذلك صوت تلك السيارة التي صالت و جالت عند جزيرة "الجعب" و الواضح من صوتها أنها بي ام "أرنوب" كما يقال - .
عموماً بدأت في التجول بين هذه الصفحات كما كان هذا الصرصار يتجول بجانبي كل ليلة و يبدوا أنه بعد أيام من الخوف قد اعتاد وجودي هنا مؤخراً و بات يمر بجانبي كل ليلة و أعتقد أنه يخاطب نفسه في كل مرة :" متى ظهر هذا الجبل العظيم هنا؟" , و بعد معاناة مع سرعة الإنترنت هنا , فتح و أخيرا هذا الفيسبوك , و كالعادة كمية نفاق اجتماعي يعجز المرء عن وصفها بل أعتقد أن إبليس المربوط بأصفاده الآن يشكوا منه و هو الذي لم يعرف النفاق يوما, فبين من يطلب من الناس السماح بمناسبة هذا الشهر و أمه منذ أشهر تنام غاضبة عليه و بين من يشكوا من طول النهار و الصيام في هذا الوقت و هو الذي بات كائناً ليلياً ينام قبل مطلع الشمس و يصحوا على مؤذن المغرب يقول الله أكبر , و غيرهم كثر.
وجدت بضعة رسائل من فلان و علان يلوموني على عدم التهنئة بهذا الشهر , فعلا انا لم أهنيء أحد بهذه المناسبة و حتى أهلي أدركت بأني لم أهنئهم على مائدة الإفطار في اليوم الأول , و لم أعلم لما .
فكيف أهنيء الناس و من اعتدت على وجوده في كل رمضان و انحنيت مقبلاً يده في كل عام , والذي أنار لي مائدة الإفطار لعشرين عاماً كما أنار الكثير من حياتي لم يعد هنا , كيف أهنئهم و هذا الذي أعطاني جنيهاً في أول مرة صُمت فيها يوماً كاملا قد ذهب هو و جنيهاته .
كيف أرحب برمضان و بين رمضان الذي مضى و رمضان الذي أتى ذهب ناسٌ من حياتي و لن يعودوا, كيف يكون رمضان و أنا أعلم بأن من دعاني و دعوته على الإفطار يوماً هو في الأن على مائدة أخرى في عالم أفضل , في عالمٍ أعلى .
نعم رمضان ببهجته في الشوارع و لكنه أيضاً ببهجته في المنازل و ما نفع نور الشارع إذا كان البيت مظلما؟ و ليس بيتٌ واحد الذي أظلم بل هي بيوت و أماكن جلسنا فيه .
أذكر رمضان الماضي عندما طالت سهراتنا في "بكرج" مع الأحباب , ورغم الحرب و لكن كانت مجالسنا مليئة بالفرح , فكيف أفرح و حتى "بكرج" لم يعد هنا لنقف على الأطلال.
رمضان يذهب و يعود في كل مرة بشيء من الفرحة و بمسلسلاته , فحتى باب الحارة قد فُتح من جديد و حتى أبوعصام قد عاد بعد أن مات , و لكن بين رمضان الأمس و رمضان ذهب أناس و لن يعودوا حتى مع رمضان القادم , ولا أعلم من سيذهب في العام المقبل و لكني أعلم بأنه لن يذهب وحده فسيأخذ معه شيئا من بهجة رمضان.
و ختاما أقول لمن ذهبوا "رمضان كريم" فأنتم من تستحقون التهنئة , و أعتذر فلا هذه الحياة هي باب الحارة و لا أنتم بأبو عصام حتى تعودوا , بل حتى أنني لست بسام الملا حتى أعيدكم.
و قد ارتفع صوت الفجر و ذكرني بأني لم اتسحر و لكن السحور بذكركم اشهى

هناك تعليق واحد: