الجمعة، 26 يونيو 2015

مرشد سياحي 5

إنه اليوم الخامس لنا في هذه الجولة السياحية و التي بدأتها و تعمقت فيها حتى لم أرد الخروج منها , عموما فاتني في الأيام الماضية أن أحدثكم عن مواهب و اهتمامات الشباب في بلادنا و التي تعتبر غنية بالمواهب , و احترت فيما سأقدمه لكم أولا أعزائي الركاب و لكني قررت أن أبدأ بالفن , و الفن فضلوه على التعليم .
و الفن في بلادنا هو (الفن بعينه) فهنا كل المواهب , لن أتحدث عن الفن الشعبي بألوانه و الذي توارثناه جيلاً بعد جيل من علي الشعالية إلى محمد حسن ثم الصافي و بونقطة و امعيلف , حتى بات شيئاً يسري في عروقنا , و لن أردنا التحدث عن رائعة (طق العود) لمحمد حسن لاحتجنا صفحات في وصف مقطع واحد منها .
و لكن الحديث سيكون عن الفن الذي أتى من عندكم , و الذي كان البادي به العبقري أحمد فكرون و الذي ستلتزم حروفي الصمت احتراما لإبداعه و أي قول يقال في صاحب (يا بلادي حبك موالي) و التي تحمل من الكلمات لن تتمكن أصابعي من حملها لثقلها و كبرها.
دون مقدمات طويلة سنبدأ بالراب هذا الذي دخل علينا في أواخر التسعينات و لكنه وصل شهرته بعد الثورة , و بين هذا و ذاك مررنا بجميع أنواعه من الراب الهادف ذو الفكرة ك (ليش الدوخة) و أغنية (يا بحر) و غيرهما من التي كانت وصفاً لحال شباب تلك الفترة , كذلك كان عندنا عصابة الراب كما كان عندكم و لكن لم يقتصر الأمر على الساحل الغربي و الشرقي فقط بل امتدت حرب الهجاء و هذه (الدسات) إلى "رابرية" المدينة الواحدة و أتحدث هنا عن راب بنغازي لأن أذناي لم تمتدا يوماً لشخص من غرب البلاد , فكانت عندنا (على من تدير في الجو) و (نرقى عليك) و غيرها من الأغاني التي وضع فيها أصحابها أنفسهما في مكان العظيمين "بيقي" و "توباك" , و حتى هذه الفترة كان الراب مقتصراً على فئة معينة من المغنيين و المستمعين , أما النهوض الحقيقي لهذا الفن كان بعد الثورة , و لأن "الراب بالفطرة" خرجت علينا ملايين المواهب و التي كانت مطموسة من قبل الطاغية , و الذي حرمنا من فن هؤلاء , و لكن لأن الفن و الموهبة لا تطمس فكان لزاماً أن تخرج هذه المواهب و حتى لا أطيل عليكم و خوفاً من أن أظلم أحد هؤلاء المبدعين ولا أعطيه حقه توجه إلى موقع اليوتيوب و ابحث عن (راب ليبي) و لتستعد إلى التلوث السمعي أقصد التمتع السمعي الذي ستحظى به أذناك فعندنا الراب المترجم و "القانقستا" و راب الحب و راب لو سمعه توباك لغنى ( يا شقاء عيني يا مطراي) .
أما في غير الراب فعندنا المبدع (تم حجب اسم الفنان خوفا من جرح مشاعرها ... عذراً مشاعره) , صاحب أغنية (كرة الهدم) و التي غنتها فتاة من بلادكم يقال بأن اسمها (مايلي سايرس )و التي لو سمعت هذه الأغنية ل(طاح سعدها)* و كرهت اليوم التي غنت فيه هذه الأغنية لا لشيء و لكن لإبداع فنانا .
يكفينا حديثاً عن الفن  الغنائي و نتجه إلى الفن التصويري , و هو شيء أخر حرمنا منه الطاغي, و يالهذا الطاغي الذي حرمنا من الفن بكل أنواعه , استيقظنا ذات صباح فوجدنا مليون مصور في البلاد , و لجميعهم كاميرات , فطريق التصوير و الإبداع سهل مفروش بالورود .
سألت صديقاً لي يدعى منصور و هو مصور و الشهادة لله بأن له عينان و أصابع تداعب الكاميرا فتنسج لوحات (ربي يحفظه و ندقوا اللوح خوفاً من العين) , عموما سألت هذا (الكمار) و هو لقب أطلق على نفسه , فحامل (الصوارة مصور و حامل الكاميرا كمار) نعود إلى سؤالي عن طريقة تصبح بها مصوراً , فأجاب بأنه عليك أولاً شراء كاميرا و هذا شيء ضروري , ثم تقوم بتصوير نفسك في المرأة و نشر هذه الصورة على صفحات التواصل الإجتماعي ولا تنسى أن تكتب بلغة الفرنجة "باي مي" (عذراً فجهازي جاهل لا يعرف الإنجليزية) , أما عن سر هذه الجملة فهي لحفظ حقوق النشر خوفاً من أن يسرق أحدهم هذه الفكرة الرهيبة منك , ثم تقوم بإنشاء صفحة على (الفيسبوك) تسميها بإسمك و تضع بجانب الاسم (فوتوغرافي) , و يجب أن يكون الاسم بالإنجليزية .
أما عن الكاميرات فهي موجودة و بكثرة و رفقة هذه الكاميرات ستأتي مجموعة من الأصدقاء عشاق التصوير كهدية و هؤلاء سيتصلون بك في أي لحظة ليطلبوا منك أن تصورهم , و لكن لأن الشاب الليبي "مضحكة" أقصد مضحي لأجل الحب فسيبيع هذه الكاميرا ليشتري بها هدية لحبيبته التي ستتركه في نهاية المطاف.
و طبعا لأنه (من ليبيا يأتي الجديد) فقد ضربنا كل قواعد التصوير و أنشأنا قواعدنا الخاصة حتى في الذوق فستجد أن أحدهم صور
صورة شاطئ بحر سيبدو في نظركم عادي جداً و لكن ستجد العشرات من المعجبين بهذه الصورة و ذلك لأننا نمتلك نظرة عميقة لا تمتلكونها أنتم .
و على ذكر العمق فنحن نمتلك مجموعة من الشباب المثقفين المحبين للكتب , و الذين يملكون طقوساً خاصة بهم في القراءة فهي لا تتم إلا بوجود القهوة و التقاط صورة , و في العادة يكون هذا الشاب ال"عميق" محب لكاتبتين هما (تم حجب اسم الكاتبتين خوفاً من أن تهاجمني إحداهما و تصف كل الرجال بصفات معينة) و السبب وراء هذا العشق لهاتين الإثنين هو ان عددا كبيراً من الفتيات ال"عميقات" يحببن كتبهن , و أود أن أقول لك بأن كل من ينتقد هاتين الاثنتين ما هو الا "عابر سرير" أقصد عابر سبيل ضال أحب الذكور أكثر مما يبنغي , و هو مغفل لم يقل لفتاة يوما بأن الأسود يليق بها , و لذلك فلتغفري عزيزتي الكاتبة له , و لتبقيها ذاكرة حسد.
---------------------------
*طاح سعدك هو مصطلح ليبي يقال للشخص الذي ارتكب مصيبة و هو مجهول المعنى و الاصل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق