الاثنين، 17 أغسطس 2015

براد الشاهي 4 (يافيروز)


صباحٌ جميل خرجت فيه الشمس و وقفت فيه الأطيار على الأشجار تنشد لحن الحياة , جلست في الحديقة أتناول إفطاري , و دون رغبة مني وجدت نفسي أستمع إلى فيروز من مذياع جارنا الذي اعتاد على التمتع بموسيقى فيروز كل صباح , انسجمت مع هذا التناغم بين صوت العصفور المغرد و صوت فيروز الذي يطرب السامعين , و إذا بفيروز تغني عن شادي و تحكي عنه و عن أيامهم معاً ثم كيف فارقها شادي و كيف انتظرته هي ," آه يا فيروز لستِ وحدك من تركك شادي , ترى هل تعلمين أن شادي هذا بات رمزاً لكل المحبين , ربما كان شادي مجرد فتى في أغنيتك , و لكن شادي الذي في حياتي كان فتاة .
ربما لم نلتقِ أبداً يا فيروز و لكن التقيت بإحساسك في هذه الأغنية , فأحسست بما أحسستِ به أنت و شعرت بكل حرف بل و كل نفس أخذتهِ و  ضاع شادي ".
يا فيروز عندما قلتِ (أنا لحبيبي و حبيبي الي ) ظننت أن هذا هو حال كل الأحبة فأحببت و يا ليتني لم أفعل , فحبيبي لم يرض أن يكون لي , لا أدري لما ,ربما لأنه لم يستمع لك يوماً أو ربما هو يستمع لأغانيك و يفكر بشخصٍ أخر , لا أعرف كل ما أعرفه بأنني (حبيته تنسيت النوم) و هو قد نساني , كذلك (أحببته صيفاً و شتاءً) و لكن يبدو أن حبه خريفي و ربيعي فقط , فقد كتبت اسمه على الحور العتيق و هو لم يقم حتى بكتابة اسمي حتى على رمل الطريق , بل أخذ طريقاً غير طريقي و هجرني و تركني مرميا بجرحٍ (كبر البحر و بُعد السماء) حتى أن الناس سألوني عنه و لم استطع أن أجيب عليهم و لم أقل (راجع و عتلوموني ), رحل و تركني يا فيروز و لم يزرنِ في السنة مرة , و لم أعرف له سبيلاً إلا أنني أرسلت له مع مرسال المراسيل على أمل أن يأت منه رد أو أن يأتي هو بذاته , قلت له (رغم الحاصل من زمان الوقت الكافي للنسيان , عزة نفسي كإنسان , اشتقتلك ) , و ختمت رسالتي ب (كيفك انت؟) , و طالت ليالي الشمال الحزينة , و سهرت الليالي بجانب طاحون المي الذي بات مهجوراً حاملاً مع الناي لأغني , ليالي كثيرة كنت فيها مع القمر جيران , أقول للهوى فيها بأننا راجعين , يا زهرة المساكين , و لكن لم يأت شيء يا فيروز , نزل الثلج كثيراً و ذهب و شادي قصتي لم يأت , هذه قصتي يا فيروز , نعم إنها بشعة كتير و حلوة كتير , و فعلا هي تحدث كل يوم , و رغم ذلك سأجلس انتظر بكرة ف(يا سلام على بكرة يا سلام )".
أنهيت كوب الحليب و الشاهي الذي أشربه في كل صباح و لكن في هذا الصباح كان له طعم مختلف في فمي , فقد امتزجت حلاوة الشاهي بمروره الماضي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق