الجمعة، 11 ديسمبر 2015

لماذا نؤمن بالله ؟

لماذا نؤمن بالله ؟ هل رآه أحدٌ منا أو كلمه ؟ إذا لماذا نؤمن بما لا نراه و نقوم بعبادته ؟ أم أنها مجرد عاداتٍ توارثتها الأجيال؟
إيمان البشر بوجود إله يأتي من شعورهم بالصغر و العجز في هذا الكون و إحتياجهم لمن يلجؤون إليه عند الضعف و طل المساعدة و بأنهم مهما تطوروا في كل المجالات سيبقون عاجزين عن صُنع شيء له روح أو شيء معقد التصميم , كهذا الكون بما فيه من أشياء ليش لها حدود كالمجرات بما فيها من كواكب و شموس أو كشيء صغيرٍ يعيش على الأرض كالذبابة , لذلك كان لا بد أن يؤمنوا و يضعوا كامل إيمانهم بمبتكر هذا الكون , أن يؤمنوا بقدرة عظيمة صانعة , بعضهم سمَّاها إلهاً و بعضهم سمّاها الطبيعة .
فلو نظرت و تأملت في كل الأشياء حولك ستدرك بأن صنعها مهندسٌ عظيم , ولكن سيدور كثيراً في عقلك إن وُجد , ستسأل كثيراً من هذا المهندس ؟ و هنا نعود إلى السؤال الأول لماذا نؤمن نحن بالله ؟.
إن كل ما حولنا يدعونا بطريقة أو بأخرى للإيمان بالله , ستحتاج فقط إلى التفكر في كل ما حول من مخلوقات , ربما ستصل في نقطة ما إلى أن تنكر وجود الله , و في الغالب يكون سبب هذا الوصول أسلوب الدعوة الدينية الهابط عندنا مقارنة بأساليب الدعوة الأخرى , و لكن في النهاية إذا ابتعدت عن هذه المؤثرات و واصلت على دربك قد يوصلك هذا إلى إيمان حقيقي نابع من عقلك وقلبك كما حدث مع الدكتور مصطفى محمود رحمه الله , الذي رغم إلحاده إلا أنه عندما أسلم , كان مقتنعا بحقيقة الإسلام فمزج بين علوم الدين و العلوم الأخرى و هذا ما نراه في كثير من كتاباته , و بالحديث عن الإسلام , لماذا نحن مسلمون ؟ و مايدرينا بأن الإسلام هو الدين الصحيح أو القويم ؟
سألت ذات مرة صديقا فقلت " لماذا تصلي؟" فأجاب :" لأنها فرضٌ من فروض الإسلام الذي هو ديننا" , فقلت :" وكيف علمت بأن الإسلام هو الدين الصحيح؟" , نظر إليَّ بتعجبٍ ثم  طلب مني أن أستغفر الله , دون أن أعلم لماذا الإستغفار , هل كان سؤال مُحرماً ؟ لا أعلم , ولكن سيكون هذا رد فعل أي شخص تخوض معه هذه المحادثة في الشارع , ربما سيختلف الجواب قليلاً فيقول البعض بأنهم مسلمون بالفطرة , و أنهم وجدوا أهلهم مسلمين فإتبعوهم .
هل هذا ما يريده الإسلام من أتباعه حقاً ؟ هل يريد أتباعاً لا يعلمون لما أسلموا ؟ ألم يكن كفار قريش يعبدون الأصنام ويقولون (هذا ما وجدنا عليه أبائنا و أجدادنا)؟ إذا نحن لا نختلف كثيراً عنهم , نحن مجرد قوم يعبدون الله دون معرفة السبب , فقط لأن عائلته كذلك.
ألم يتسأل أحدٌ يوماً لماذا كان إسلام الصحابة الأوائل و إسلام أهل الغرب اليوم أقوى من إسلامنا نحن ؟ مالعامل المشترك بين أبي بكرٍ مثلاً و بين أي شخصٍ مُسلمٌ و أبواه غير مسلمين ؟ الإجابة بأن كلاهما اختار الإسلام عن إقتناعٍ كاملٍ به , الإثنن فكرا في الإسلام و دخل الإسلام عقولهم ثم قلوبهم و لم يرثوا الإسلام عن أحدٍ , فالصلاة و الصيام ليست عادات تنقل من جيلٍ لأخر.
و بالعودة إلى طلب صديقي الذي أمرني بالإستغار , هل يُعقل بأن يهبني الله عقلاً أفكر به و يأمرني في كتابه بالتفكر و التعقل فيقول (ألا تتفكرون) , (ألا تعقلون) , بل و يدعوني إلى التأمل في خلقه و التفكر فيه , و التفكر يشمل في أن تسأل عن كل شيء تراه و تفكر في إجابات له , ثم عندما أفعل ذلك و أتفكر و أتعقل أكون مذنبا ؟ , فلنعد إلى سيرة عليٍ ابن أبي طالب الذي عندما دعاه ابن عمه محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام قال له :" يا محمد دعنِ أفكر يامحمد) قالها و هو ابن الإثنى عشرا ربيعاً .
هل حقاً يريد الله عباداً يؤمنون به و يدينون بإسلامه دون بصرٍ أو بصيرة , دون أن يدركوا لماذا هم مسلمون , أو أن يقومون و يصلون و يصومون فقط لأن أهلهم كانوا مسلمين و إذا ما سألهم أحدهم عن دينهم يقولون (هذا ما وجدنا عليه ابائنا الاولين) ؟
و أخيرا يقول الحديث (بدأ الإسلام غريبا وسينتهي غريبا فطوبى للغرباء) , سيأتي بضعة أشخاص من جماعات مخلتفة يتباهون بأنهم الغرباء , و لكن كيف يكون الإسلام غريبا بين ملايين البشر , كيف سيتنهي غريبا و في كل بقاع الأرض هناك مسلمون ؟
ربما لأنه بات مجرد عادة نتوارثها ولم نشعر بها حقاً , فنحن مسلمون كما تشهد حكوماتنا ببطاقتها و كم تشهد تطبيقات الفيسبوك و التويتر من أدعية و خلافه , و لكن هل تجاوز إسلامنا ذلك و دخل العقول و القلوب , هل أسلمت أنت يا من تقرأ الأن عن إقتناع أم أن الدين هو شيء أخر إختاره لك والداك ؟.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق