الثلاثاء، 8 ديسمبر 2015

رسائل مغترب (عزيزي أنس)

عزيزي أنس
بعد السلام و التحية
قد وصلني بالأمس خطابك ولم أعلم لما قرأته مرة و اثنان وثلاث , وفي كل مرة كنت ابتسم , بخصوص الجاك دانيل يا صديقي فلم أعلم لما لم أشربها حتى الآن , ربما بسبب ذاك الضمير الذي يحدثني في كل مرة بأن ما اقترفت من ذنوبٍ عندكم تكفيني أو لرؤية نماذج من أولئك الذين يشربونها , فالفئة الضالة المسماة بالليبين هنا نوعان برجوازيون متعفنين يقبعون في منازل فخمة يؤجرون السيارة و يشربون هذه المشروبات في الليل هم في الحانات وفي الصباح نائمون , و طبقة كادحة نست كل هذه الأشياء و تسعى لأن تكد في ما جاءت هنا لأجله , و لأنني كما تعرفني نابذ للبرجوازية كارهٌ لرائحته قررت أن أنظم للفئة الكادحة حتى في المهجر .
هجرت المقاهي و الجلوس فيها فهي غالية هنا يا أخي ولا يوجد فيها إلا أشياء لا أعرف أسمائها و حتى إن عرفت بعضاً منها فهي إما باهضة الثمن ككوب الإكسبرسو الذي يعادل ثمنه ثلاثة دنانير من عملتنا , أو إنها عديمة الطعم ولا أعرف كيف يشربونها , ربما لأنهم لم يتذوقوا قهوة الخطاب , اعتزلت بضعة عادات أدمتنها سابقاً ولكني لم أستطع أن أعتزل اليونايتد , فبالرغم من مستواه الهابط و كل شيء مازال ذاك الفريق يجذبني لسرٍ عظيم , ربما هو كبنغازي رغم دمارها ولا كل مافيها و لكن مازال لها في القلب عشق , ربما لأني أشاهد كل مبارة و حسبي بأنك تشاهدها .
كيف حال كل أولئك الذين جلسنا معهم ؟ كتبت خطاباً للفوكس ولخالد و سأرسلهما قريباً, ولكن طمئني على أولئك الذين لن اقدر على الكتابة لهم , كيف حال ذاك البغباء المزعج , و كيف حال شمامٍ و أوس و أحمدٍ و الطبولي , رأيت لك صورتين الأولى مع شمام و الثانية مع أنس "اللياس" كما تناديه و أحمد بن موسى و شخصٌ أخر لم أعرفه , قد سرني بأني لمحت ذاك الاوريس على الطاولة , و قد سرني بأنك مازلت بديناً , لا أعلم إذا ما كنت كثير الكلام و لكني أرجو ذلك , أرجو بأن يمنحنا أحدهم ساعة ربما نجلس فيها على طاولة نعيد فيها بعضاً من الحديث , لا أعلم أي نوع من أنواع الحديث كان ذاك , أكنا نجلس أم نطير ؟
وجدت في ذاك الحديث سجن القلعة الذي اجتمع به العشاق على رأي صديقنا الشيخ إمام .
على ذكر ذاك العجوز الخرف فإني مازلت في كل يومٍ انفرد به و استمع له و هو يغني لابنه عبد الودود , و ظني بأن هذا حال أبي جاركم في بوهديمة , هو يحدثني في كل مرة عن أخبار المنطقة و عن كم رصاصة انتهى بها مداها عندهم أو في ما حولهم , وفي كل مرة أرجو بأن تكون مقصورتك بخير بعيداً عن هذا , مازلت اقرأ ما تنشره من شباكك و في كل مرة أقول بأني سأكتب مثلك يوماً ما , هنا خطب ما أصابني فلم تعد أصابعي تحن للرقص مع القلم كما كانت , ولم تعد الأفكار تقنص دماغي الفارغ , ربما هو هواء تلك المدينة الموبوءة هو ما كان يجعلني أكتب , ولكن إن حدث و كتبت هنا فبالتأكيد لن أنسى أن أرسل لك , أم الدراسة و ما تلاها فلا تحملني ما لا طاقة لي به .
في الختام قد يقع هذا الخطاب في يد أحدهم و يظن ظن سوء بأننا مُثليان و لكن أقول له ما قال ذاك الشلتوت ذو الشفرولية الرمادية أمام مقهى لافازا , و أنت تعرف ما قاله , ولا تنسى بأن تقرء السلام مني لكل من ذكرتهم .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق